المهاجرون واللاجئون الأفارقة، بين سلامة الوضع القانوني وضرورات الوضع الآنساني
خالد محمد طه: مدني
وصلت إعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين الأفارقة إلى مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، ضمن النازحين بسبب الحرب، وشكل التعامل مع أشخاص من إثيوبيا وإرتريا وجنوب السودان والصومال وأوغندا تحدي من نوع خاص في كيفية التعامل مع هذه الشريحة التي تعددت سمات وأسباب وطرائق تواجدهم في السودان طوال الفترة السابقة لأحداث الحرب التي حولتهم أيضا إلى نازحين بسبب الحرب ضمن مجموعات اخرى من الأسر والأفراد من مختلف الشرائح السودانية، تعج بها مراكز الإيواء المؤقتة في ولاية الجزيرة.
فبينما حل جزء من مسألة مواطني دولة جنوب السودان بتسيير قوافل أوصلت بعضهم إلى بلدهم بجهد شعبي خالص، لم يزل بعضهم في مراكز الإيواء التي تدار أيضا بعون أهلي في مختلف أنحاء مدينة ود مدني، ولم تزل قضية رعايا الدول الأخرى معلقة.
ثلاثة تصنيفات ومشكلة واحدة
الاجانب النازحين من الخرطوم بسبب الحرب إلى مدن وقرى الجزيرة ينقسمون إلى ثلاث فئات، الأولى هي حملة سمات الإقامة الرسمية المسجلة في دوائر الاجانب ويمكن إعتبارهم مهاجرين لمختلف الأسباب أمضى معظمهم سنوات طوال في السودان، ولديهم أعمال وأملاك وأنشطة إقتصادية معلومة ومعظمهم أيضا مسجل ضمن الجاليات المسجلة التي كانت تزاول أنشطتها في الظروف العادية دون أي معيقات.
والفئة الثانية مكونة من حملة بطاقات اللاجئين، والذين تصادف تواجدهم خارج المعسكرات المخصصة لإيواء اللاجئين في ولايات كسلا والقضارف وسنار والجزيرة والبحر الاحمر والنيل الابيض، أو من الذين غادروا تلك المخيمات بإذن أو بدون إذن لاسباب تخصهم.
اما الفئة الثالثة فهي الذين لا يحملون أية سمة لجؤ أو إقامة، وهي شريحة غالبا ما يكون وصولهم إلى العاصمة الخرطوم والى السودان كله عن طريق تسرب غير قانوني يستوجب في الظروف العادية تسوية وتقنين أوضاعهم عبر السلطات المعنية بشئون الاجانب.
وجوه من تلك المجموعات
ألمايو، مواطن إثيوبي يقول أنه ظل موجود في السودان منذ ربع قرن، وهو وجود بصفة قانونية وإقامة رسمية تجدد دوريا، ينطبق عليه وعلى أسرته - سبعة أبناء وزوجة - كل ما ينطبق على سكان الخرطوم الآخرين من حقوق وواجبات بالإضافة إلى ما يلي الاجانب من محددات وشروط إقامة يجب الإلتزام بها في كل الحالات، وهذا ما ينطبق على حالته وحالة اسر أخرى من إثيوبيا وإرتريا موجودة الان في مخيمات الإيواء بولاية الجزيرة.
وأضاف ألمايو شكرنا لأهالي مدينة ود مدني بلا حدود، فقد اعانوا الجميع بلا تمييز، تعاملنا مع السلطات ليس مباشر، إلا في محاولة لترحيل الجميع إلى معسكرات اللاجئين، يبدو أنهم تخلوا عنها مؤخرا، أو لديهم ترتيب اخر، عموما صفة لاجئ لا تنطبق على الجميع هنا، ويجب وضع ذلك في الاعتبار، يوجد لاجئين فعلا ويوجد غيرهم ايضا، وطبعا لا إعتراض على ما تراه السلطات مناسب في مثل هذه الحالة الطارئة.
تسفا ألم، مواطن من دولة ارتريا، يقول حضورنا للخرطوم رسمي تم عبر (تصريح) من الجهات المسؤولة عن معسكرات اللاجئين، والعودة لها في هذه الحالة لا يخلق أي مشكلة لمن كانوا فيها اصلا، إلى حين عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه من إستقرار، لكن ذلك يتطلب اولا أن يتم الإجراء بواسطة المفوضية السامية للاجئين، وضمان أن تكون الطرق ووسائل النقل آمنة، وأن يعاد كل لاجئ أو لأجئة للمعسكر الذي كان فيه حيث توجد أسرته واهله وأسباب الحياة الاخرى، بمعنى الا ينقلوا إلى مكان جديد أو يرحلوا إلى بلدانهم التي لجؤوا منها، لأن ذلك مرتبط بزوال أسباب اللجو ويدخل ضمن تصنيف آخر متصل ببرنامج العودة الطوعية، معاملة اللاجئين المسجلين كفارين من المعسكرات فيه تعميم خاطئ قد توجد حالات مثل تلك، لكن الأفضل هو إجراء تصنيف دقيق والسعي لمحاولة معرفة الأسباب والدوافع ووضع الحلول المناسبة لكل حالة، أن كان لذلك أسباب متصلة بالحماية أو لم الشمال و الحصول على علاج أوتحسين الوضع المعيشي لو السعي للسفر الى يلد ثالث، أو أي دافع آخر، هنالك لاجئين تم تسجيل إقاماتهم مؤقتا في ولاية الخرطوم معظمهم من الطلاب أو منتظري السفر، هم الان بين النازحين بفعل الحرب.
ويؤكد تسفا ألم: مسألة طرح خيار الإنتقال إلى دولة ثالثة ليست خيار عملي الان، لكنها حق للاجئين طالما أن بلد اللجؤ الاول أصبح في حالة حرب، بل حق لمواطني أي دولة نكبت بالحروب.
اما أباديت، وهي شابة من اقليم تقراي بدولة إثيوبيا فتقول : الكثيرون منا وصلوا إلى السودان وإلى الخرطوم بطرق مختلفة وغير رسمية، والواقع أن خروجنا من وطننا أيضا كان في ظروف حرب أو ظروف خاصة، دون أي معاملات أو إجراءات رسمية، وهذا ينطبق أيضا على الكثيرين من اخوتنا الارتريين، وسبب عدم الاتجاه لمعسكرات اللاجئين انها ليست آمنة، وقطعت الكثيرين منا يريدون البقاء في السودان رغم أي طارئ فذلك أكثر امان بالنسبة لنا، نرجوا أن تعين هذه الظروف على إتمام توفيق اوضاعنا، مسألة إرجاعنا إلى أي من البلدان التي تركناها بحثا عن الامان ستشكل معاناة جديدة، وستعرض حياة الجميع للخطر.
وبينت أباديت: لم يطلب منا مغادرة السودان حتى الان، فقط تم حصر العدد والأسماء ونقلنا إلى أكثر من موقع إيواء خلال ثلاثة ايام، المهم في الأمر أن من أعيدوا إلى بلادهم بلادهم خلال الأزمة التي يمر بها السودان وضعوا في معسكرات احتجاز هناك، وهو ما لا نود أن يكون مصيرنا، علمنا بامر وقف إستقبال الاجانب في مراكز الإيواء، هذا ما عرفنا أنه أمرا مت السلطات الرسمية، لكن لم تزل المراكز تستقبل وتستضيف الجميع من السودانيين وغير السودانيين وهذه معاملة نشكر عليها الشعب السوداني.
من ناحيته يقول الاستاذ ياسر الريح المحامي واحد المتطوعين في إيواء النازحين بسبب الحرب من ولاية الخرطوم أن: الموقف الإنساني لا يتجزأ، وقرار الفصل التمييز في المعاملة بين المتضررين من الحرب السودانيين وغير السودانيين أمرا غير محبذ، فوفق الأعراف الإنسانية والمواثيق الدولية يجب معاملة الجميع بالشكل الذي يضمن السلامة ويوفر الحماية ويحفظ الكرامة ويتيح الحد اللازم من الإعانات اللازمة وأشار الريح إلى أن من واجب السلطات توفير كل تلك المستحقات للمواطنين والأجانب على حد سوا، مع إتمام كافة الإجراءات المتصلة بتسجيل الاجانب أو تصنيفهم بالشكل المتبع وإيصالهم بالإدارات المختصة والمعنية، لكن ليس بين ذلك ترحيلهم إلى بلادهم التي تركتها لاسباب مختلفة، القاسم المشترك بينها إستحالة الحياة الآمنة هناك.
وشدد الريح على أنه ليس هنالك إختلاف بين الرأي الرسمى المهتم بتسجيل الاجانب النازحين حاليا من الخرطوم، والرأي الشعبي الخاص بضرورة معاملتهم بشكل طيب، فهذه ليست نقطة إختلاف بأي حال، بل محل إتفاق بين كل السودانيين بلا شك، وهذا ما عبرت عنه الأسر السودانية التي تقدم الوجبات اليومية ومواد الإيواء، وتسهم دون أي معين خارجي في توفير الغذاء والدواء والكساء.
وأضاف المحامي ياسر الريح بكل تأكيد أن إعتبار كل الاجانب القادمين من الخرطوم في هذا الظرف العصيب (فارين من المعسكرات أو مخالفين لقانون الإقامة) أمرا فيه تعميم مخل، كما أن الوقت غير مناسب للفصل بين تلك الشرائح أو تقديم العون الإنساني لها وفق تلك المعايير، فالمصاب شمل الجميع.