نار وماء.. يضاعفان كوارث ومآسي السودانيين
الخرطوم ـ مواطنون
استيقظ عبد الله عبد الغني، 32 عاما، فجرا خائفا يترقب وهو يشاهد انهيار أجزاء كبيرة من السور الخارجي لمنزله بالعاصمة الخرطوم، وسقوط بوابة الحديد. اعتقد في بادئ الأمر أن قذيفة سقطت داخل منزله، لكنه اكتشف أن الانهيار سببه عاصفة قوية أعقبها هطول الأمطار والثلوج.
يقول عبد الغني في حديثه لـمواطنون، استيقظت من النوم والخوف يملأ قلبي بسبب انهيار السور الخارجي للمنزل، وقدّرت أن الانهيار بسبب سقوط قذيفة حربية، لكن الحادثة كانت بسبب العاصفة والأمطار.
وأضاف، كُتب لنا أن نعيش المُعاناة مضاعفة مع نيران الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، وهطول الأمطار.
وخلال الأيام الماضية بدأ موسم هطول الأمطار الذي عادة ما يؤدي إلى حدوث سيول وفيضانات وازدياد مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه في ظل توالد البعوض وتراكم النفايات وتحلل الجثث الملقاة على الشوارع والأرصفة بسبب الحرب.
ويستمر موسم الأمطار الخريفية الغزيرة في السودان في الفترة من يونيو وأكتوبر من كل عام.
معاناة الناس
وتقول المواطنة آمنة الجيلي، 33 عاما، هطول الأمطار يزيد معاناة الناس في ظل المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع النقص الحاد في الكهرباء والمياه الصالحة للشرب ونقص الغذاء.
وأشارت عبد الجيلي في حديثها لـمواطنون، نتخوف من السيول الغزيرة والفيضانات التي تؤدي إلى انهيار المنازل.
وأضافت، العام الماضي شهدنا كارثة حقيقية عندما غادر المواطنون منازلهم التي غمرتها المياه واللجوء إلى نصب الخيام على طرق الأسفلت الرئيسية.
وفي 14 أغسطس 2022 أعلنت الأمم المتحدة، تضرّر نحو 136 ألف سوداني بمختلف مناطق البلاد، جرّاء الأمطار الغزيرة والسيول، منذ يونيو 2022.
موجة النزوح
الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، تسبب في موجة نزوح كبيرة، وهطول الأمطار والسيول والفيضانات المتوقعة ربما تضيف موجة نزوح جديدة.
بالنسبة إلى المواطن عمار الهادي، فإن السيول تشرد أعداد كبيرة من المواطنين خاصة القاطنين على شريط النيل الأزرق عند ارتفاع مناسيب مياه النيل بعد هطول الأمطار في الهضبة الإثيوبية.
ويقول عبد الهادي في حديثه لـمواطنون، موسم الخريف مشكلة حقيقية تواجه الناس في كل عام.
وأضاف، مع الحرب المستمرة والفيضانات المتوقعة نأمل أن تقف المنظمات الإنسانية إلى جانب الناس لتخفيف الكارثة.
وفي 24 مايو الماضي، أعلن المفوض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في تغريدة، فرار أكثر من 300 ألف شخص من السودان إلى البلدان المجاورة.
وذكرت الأمم المتحدة بتقرير نشرته في 17 مايو الماضي، أن نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية.
أزمة الزراعة
الخطر الحقيقي للحرب في البلاد امتد ليشمل الموسم الزراعي بسبب نقص الوقود والأيدي العاملة الأمر الذي يؤدي إلى أزمة غذاء حادة في البلاد التي مزقتها الحرب.
وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد سكان السودان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.
ويقول المزارع عبد الباقي عبد الله، الموسم الزراعي فشل تماما بسبب تأخر البنوك في التمويل، خاصة وأن تلك البنوك تعرضت للنهب والسرقة منذ اندلاع الحرب في أبريل الماضي.
وأشار عبد الله في حديثه لـمواطنون، الحصول على البذور أصبح أيضا مشكلة كبيرة، بالإضافة إلى عدم توفير الأسمدة والوقود.
ويتمتع السودان بما يزيد عن 175 مليون فدان (الفدان يساوي 4200 متر مربع) من الأراضي الصالحة للزراعة، وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية.
كذلك، في السودان مساحات من الغابات والمناطق الصالحة للرعي، بواقع 52 مليون فدان، وأزيد من 400 مليار متر مكعبٍ معدل هطول الأمطار سنوياً.
ويُشكل القطاع الزراعي ميداناً مفتوحاً لاستقطاب الأيدي العاملة والتخفيف من نسبة البطالة؛ فيما تمثل إيرادات القطاع الزراعي ما نسبته 48 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للسودان.