نازحو الخرطوم.. نجوا من القصف وماتوا بالحسرة
الخرطرم ـ مواطنون
مازالت حرب الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛ تدير رحاها وسط الأحياء السكنية، وتدخل يومها الثمانين، وسط انتهاكات واسعة من الطرفين لابسط حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم الحرب، وانتهاك القوانين الدولية والإنسانية.
وفي ظل القصف والاقتتال المتواصل، دون نجاح يُذكر لأي هدنة تم الإتفاق عليها عبر منبر جدة برعاية سعودية امريكية، وانعدام انسياب المساعدات الطبية والإنسانية، وتوفير ممرات آمنة لحماية المدنيين. مع انقطاع متكرر للماء والكهرباء وندرة الحصول على الغداء، والوصول لمراكز طبية آمنة.
فر اكثر من مليوني من الخرطوم الي مدن السودان الأخرى، بحسب احصائية رسمية للأمم المتحدة، وبعثتها العاملة في السودان.
عانى النازحون من جحيم حرب الخرطوم الأمرين، فلا مكانا آمنا في الخرطوم، ولا هروب سهل. تعددت صور المأساة، وروايات السفر الأليم من الخرطوم الي مدن أخرى آمنة.
في الأيام الأولى للحرب، كان الناس يسافرون بشكل طبيعي من محطة السوق المركزي(شمبات)، الي مدن شندي، وعطبرة شمال السودان، ومدني والحصحيصا وغيرها من مدن وسط السودان، لكن القصف بعد ذلك طال منطقة السوق المركزي، واصبحت محطة السفر ساحة معارك بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
انتقلت محطة السفر شمال عند تقاطع جسر الحلفايا، ولكن سرعان ما تحولت أيضا لمنطقة وارتكازات عسكرية وضرب متبادل، انتقلت على إثرها محطة السفر الي حي السامراب شرق الخرطوم بحري، ثم الدروشاب شمال، وتحولت كلاهما الي مناطق عمليات عسكرية، في تتبع ممنهج لضرب الممرات الآمنة التي كان يخلقها النازحون من أجل الفرار، حتى انعدم المكان الأمن لمحطة السفر في جميع أنحاء الخرطوم.
وبحسب مصادر طبية في مدن عطبرة، وشندي، شمال السودان، فإن عددا كبيرا من حالات الإصابة بالرصاص وصلت مستشفيات المدينتين، في ظروف بالغة التقييد، كما وصلت حالات من الإجهاض، وارتفاع نسبة ضغط الجنين للحوامل النازحات.
وسط هذا الخوف والقلق، نجا الكثير من المدنيين، لكنهم عاشوا ظروفا أخرى مختلفة، وواجهوا قسوة العيش في معسكرات غير مهياة، اجتهدت فيها لجان الطواريء بالعون الذاتي، وارتفعت اسعار إيجار المنازل بشكل جنوني في كل من شندي وعطبرة ومدني، بورتسودان القضارف، لم يستطع معظم النازحين من الحصول على منازل تأويهم، بسبب نقص المال الذي بصحبتهم، مما أضطرهم للقبول بالبقاء في المعسكرات.
واجه النازحون ظروفا قاسية، رغم اجتهاد لجان الطواريء، في تذليلها، وعانوا من حالات المرض المفاجئ، وبحسب إحصائيات مستشفى المك نمر والمستشفى التعليمي بشندي، فإن اكثر من عشرين حالة وفاة وسط النازحين، كان معظمها نتيجة أمراض الجلطات الدماغية، والذبحات الصدرية، والأمراض المزمنة الأخرى، المرتبطة بتناول الأدوية المنقذة للحياة.
وبحسب مسؤلين بلجنة الطواريء المحلية، فإن بعض حالات الاصابات بالرصاص وصلت المدينة، منهم من تم إسعافه وإجراء عمليات جراحية لهم، ومنهم من فارق الحياة بالنزيف الحاد.
