انقلاب النيجر...ايكواس تمتحن!
عبدالله رزق ابوسيمازه
استقبلت الأوساط السياسية في السودان، باهتمام ملحوظ، أخبار الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر، يوم الاربعاء الماضي، وأطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وأنهى الحكم الديموقراطي، في الوقت الذي تكثف فيه القوى السياسية، وحلفاؤها في الداخل والخارج، جهودها من أجل إخراج العسكر من المشهد السياسي، واستعادة مسار التحول الديموقراطي، بقيادة مدنية، في إطار الجهود الرامية لإنهاء الحرب الجارية منذ اكثر من ثلاثة اشهر بين شريكي انقلاب 25 اكتوبر 2022.
غير ان هذا الاهتمام ينبثق، أيضا، من أن الانقلاب يقع ضمن سلسلة من الانقلابات شهدتها منطقة الساحل الإفريقي، المضطربة - اصلاً - بفعل نشاطات الجماعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة وداعش، خصوصا.
وقد تداولت المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب افريقيا، في اخر قمة لقياداتها، مقترحاً بتشكيل قوة إقليمية، للمشاركة في الحرب ضد الجماعات الجهادية، بعد انسحاب فرنسا من الحرب. غير أن المجموعة، التي تعرف اختصاراً بايكواس، رأت أن تنهض القوة المقترحة، أيضاً، بمهمة مكافحة الانقلابات العسكرية، التي تهدد الديمقراطية في القارة، مثلما تهدد الاستقرار. وهي بادرة جديدة لم تختبر بعد. ربما يكون انقلاب النيجر، الذي تعقد المجموعة اجتماعا بشأنه، اليوم الأحد، فرصة ثانية لدراسة جدواها ونجاعتها، مع أن ثمة سابقة، لحماية الشرعية بالقوة العسكرية، تمثلت في تدخل الجيش السنغالي في غامبيا لإجبار الرئيس يحي جامع، بتسليم السلطة لمنافسه آدما بارو، الذي فاز عليه في الانتخابات الرئاسية، التي جرت نهاية العام 2021.
يشكل الانقلاب الخامس في النيجر، وفي الساحل، أيضا، تحدياً جديداً لايكواس، ويضع عبء إضافياً على كاهلها، في وقت لا زالت جهودها الدبلوماسية لاستعادة الحكم المدني عبر التفاوض مع الانقلابيين في مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري، تتعثر. وهي قضية ذات مغزى بالنسبة للسودان، أيضاً.
كاد صعود محمد بازوم، الذي ينتمي لأقلية إثنية، عبر انتخابات ديموقراطية، أن يجسد تاكيداً لنضج التجربة السياسية بالنيجر، في تخطي العصبيات العرقية والقبلية الضيقة، لصالح الانتماء الوطني الرحيب، وتقدمها على كثير من التجارب المماثلة في عموم القارة، بما في ذلك التجربة السودانية. فمما تمت ملاحظته من ردود الأفعال على الانقلاب، احتفاء بعض المجموعات المناوئة للدعم السريع بالانقلاب، وهي لا تفضح بذلك، عداءها للديموقراطية، حسب، وإنما تكشف جذور موقفها الموغل في العنصرية وكراهية الاخر.