السودان.. الاغتصاب سلاح آخر يرافق الرصاص
تقرير: مشاعر إدريس
يعد استخدام الاغتصاب كسلاح من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ويجب التدخل سريعا لإدانته والحد منه في الحرب التي تدور رحاها في الخرطوم. كما يتعين على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لضمان تحقيق العدالة للضحايا ومنع المزيد من أعمال العنف الجنسي أثناء النزاعات المسلحة.
وعادة ما تكون عواقب الاغتصاب وخيمة على عدد لا يحصى من الأفراد، ولا سيما النساء والفتيات فهن الأكثر تضررا من أعمال العنف هذه.
في الخرطوم، لا يزال الجناة في جرائم الاغتصاب مجهولي الهوية، لكن يُعتقد على نطاق واسع أن مجموعات مسلحة مختلفة من طرفي النزاع متورطة في هذه الأعمال المروعة. ومع تمدد هذا الاعتقاد الشائع، لكن من الصعب التحقق من صحة الروايات والعدد الدقيق للضحايا، بسبب قلة الإبلاغ والخوف من الانتقام.
وسجّلت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان حالات اعتداء جنسي جديدة في كلٍّ من الخرطوم والجنينة بولاية غرب دارفور، نيالا بولاية جنوب دارفور.
وتتهم مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المراة والطفل سليمى إسحاق، بشكل رسمي، قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم عنف جنسي بحق عدد كبير من النساء، ووثقت الوحدة نحو 112 حالة، منها 25 في الجنينة، 31 في نيالا و 56 حالة سجلت بولاية الخرطوم.
وقالت سليمي إسحاق إن معظم البلاغات في الخرطوم قيدت ضد قوات الدعم السريع، كما أفادت الناجيات في نيالا والجنينة بأن الاعتداءات كانت على يد قوات الدعم السريع.
َويعد الاغتصاب جريمة دولية بموجب القانون الدولي الإنساني. ومن المسلم به أنه انتهاك لحقوق الإنسان وتحظره العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
قال الخبير القانوني عثمان البصري: يعرف الاغتصاب في القانون الدولي الإنساني بأنه ممارسة جنسية مع شخص آخر دون موافقته.
أما في القانون السوداني فهو مواقعة شخص زنا أو لواط دون رضاه، ومن ناحية التجريم قد تم تجريمه في اتفاقية جنيف لحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لسنة 1949م في المادة (27).
ومما تأسف له سليمى هو تنامي حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات المترافق مع تزايد حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع، وقالت أن الإختفاء يتنامى بمعدل لا يتناسب مع البلاغات المسجلة لديها.
واضافت أن الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي يساعد في التخفيف من آثار الصدمة النفسية ويساهم في تدارك التبعات الصحية للاعتداء.
واعربت عن قلقها الشديد إزاء تنامي ظاهرة الاستهداف العرقي للنساء والفتيات ما يعد تزايدًا نوعيًا في جرائم العنف الجنسي المتصل بالنزاع، وهي جرائم مدانة دوليًا.
وطالبت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل قوات الدعم السريع بوقف الانتهاكات ضد النساء والأطفال - لا سيما الانتهاكات الجنسية - وصون حق المدنيين في الحياة والكرامة الإنسانية وعدم تعريضهم لأي مخاطر أو اعتداءات خلال النزاع.
وحثت المنظمات الأممية المعنية بالمرأة والطفل والمؤسسات الدولية على إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الدعم السريع وضمان محاسبة جميع المتورطين في هذه الجرائم.
وقال الخبير القانوني السوداني عثمان البصري إنه ووفقا للاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة إن الاغتصاب مدرج مع مواد العنف الجنسي والعنف القائم على النوع.
واعتبر أن أي فعل أو محاولة أو تهديد يكون جنسيا في طبيعته وينفذ دون موافقة الضحية ويشمل الاغتصاب والاعتداء الجنسي والمضايقة.
وابان بعد انتشار ظاهرة الاغتصاب تم تصنيفها كجريمة دولية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (7) ـ الجرائم ضد الإنسانية ـ والمادة (22) جرائم الحرب ولقد منح النظام الأساسي للمحكمة سلطة إصدار عقوبات لهذه الجرائم في الباب السابع المادة (77) وهي السجن لمدة أقصاها ثلاثين عاما اوالسجن المؤبد في حالة الخطورة البالغة للجريمة.
مشيرا إلى أن عقوبة الاغتصاب في القانون السوداني هي الجلد مائة جلدة والسجن مدة لا تتجاوز (10) سنوات.
وقال البصري إن القانون السوداني في تعريفه للاغتصاب وقواعد إثباته تجعل من إثبات هذه الجريمة صعبة للغاية خاصة في ظروف الحرب، لذلك لابد من إصلاحات قانونية تتواكب مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
في حين أن مقاضاة هذه الجرائم يمكن أن تكون صعبة، إلا أنه يتم بذل الجهود لمحاسبة الجناة. وتم إنشاء محاكم ومحاكم جنائية دولية للتحقيق مع المسؤولين عن العنف الجنسي أثناء النزاعات المسلحة ومقاضاتهم.
وينتظر من وسائل الإعلام أن تلعب دورا حاسما في الإبلاغ عن هذه الجرائم ومراقبة الوضع، من خلال تسليط الضوء على هذه الفظائع، إذ تساعد وسائل الإعلام في رفع مستوى الوعي وتعبئة الرأي العام. بالإضافة إلى ذلك يمكن للتغطية الإعلامية أن تمارس الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ الإجراءات وتقديم الدعم للضحايا.