لماذا يمنع الجيش السوداني الأنشطة المدنية؟
مواطنون ـ الأصمعي باشري
منذ اندلاع حرب الخرطوم في منتصف أبريل المنصرم، سعى الجيش السوداني لتجييش الفضاء العام، بإعلان حمل السلاح لكل المواطنين، وفتح معسكرات التجنيد في الأقاليم والمدن التي لم تطالها نار الحرب، وتضييق الخناق على الحياة المدنية والنشاط السياسي الرافض للحرب العبثية؛ وهو وصف قاله قائد الجيش نفسه.
وفي بداية شهر مايو المنصرم بدأت الحملة المسعورة لاستخبارات الجيش السوداني لاعتقال الناشطين السياسيين من عناصر الأحزاب في عدد من مدن السودان، وصلت حد التعذيب والترهيب.
ففي مدينتي مروي وكريمة بالولاية الشمالية إعتقلت الاستخبارات العسكرية القيادي بالتجمع الاتحادي؛ الشريف الحامدابي من منزله بمروي، وإقتادته الي جهة غير معلومة. وفي بيان صادر للتجمع الاتحادي أكد بأن إعتقال الشريف يؤكد بأن هناك جهة ما تريد تهيئة الساحة السياسية لنشاطها الداعم للحرب والموت وقطع الطريق أمام فرص ايقافها واستهلال عملية سياسية تفضي السلطة مدنية انتقالية تحقق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
وفي الأول من يونيو الماضي اقتحمت قوات من الجيش منزل الدكتور علاء نقد عضو تجمع المهنيين السودانيين، وتم نقله الي جهه غير معلومة، قبل إطلاق سراحه، وكانت بيانات صادرة من لجان المقاومة السودانية طالبت اي سياسي او عضو لجان مقاومة في مناطق سيطرة الجيش بتأمين نفسه منحملة اعتقالات كبيرة.
فالناشطون والسياسيون لا يحملون سلاحا سوى الكلمة المصادقة والوعي بأهمية الانتقال السلمي للسلطة.
تواصلت مساعي سلطة الامر الواقع بفتح معسكرات التجنيد في كسلا ومدني وشندي والدمازين وغيرها من مدن وولايات السودان. وفي ذات الوقت تحجر على اي نشاط مدني.
ففى الدمازين اعتقلت استخبارات الجيش ثلاثين شخصا حضروا احتفالا بمناسبة الذكرى الـ ٧٧ لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني، قبل أن تطلق سراحهم باجبارهم على التوقيع بتعهدات بعدم ممارسة اي نشاط سياسي أو ثقافي.
وفي السياق استودعت امس الأول الاستخبارات العسكرية بولاية كسلا شرق السودان، (6) من قادة الجبهة المدنية المشاركين في الاجتماع الذي عقد بمدينة كسلا يوم (12 اغسطس 2023) وابلغتهم ان تعليمات صدرت باعتقال كل من شارك في الاجتماع، وأن النشاط المدني محظور إلى حين انتهاء الحرب.
واعتبر ناشطون سياسيون في الشرق بأن خطوة الاستخبارات العسكرية غير قانونية، وأن أجهزة الدولة بالولاية غير شرعية، وتخلت عن دورها في تقديم الخدمات وتسيير دولاب العمل، واتجهت لحماية عناصر النظام السابق الهاربون من السجون عند اندلاع الحرب، وصارت في الوقت ذاته بوقا يؤجج من نار الحرب بتسليح المليشيات وتجنيد المجتمعات، في واقع لا يحتمل أي خطاب عدائي بشرق السودان.
وبحسب محللين سياييين فإن الحرب المشتعلة الآن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هي حرب من أجل الاستحواذ على السلطة وموارد وثروات السودان، وأن أي نشاط سياسي مضاد لها؛ يعني بالنسبة للجيش وأعوانه من سدنة النظام السابق إستمرار رغبة القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة السودانية في تحقيق اهداف التغيير بعودة الجيش للثكنات، وحل المليشيات ومحاسبة الضالعين في الانتهاكات الواسعة للضحايا والشهداء.