20/08/2023

قطع الإنترنت أعلى مراحل الكبت الرقمي

عبدالله رزق أبو سيمازه

قيل عند اعتراض تدفق الأخبار، ينسدل الظلام، ويستشري القلق. لعل الكثيرين قد عاشوا هذه التجربة القاسية التي تكشف أهمية الأخبار في حياة الناس، خاصة مع الانقطاع المتواتر للإنترنت في السودان، على إيقاع المعارك المحتدمة منذ أربعة أشهر بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، لاسيما معارك 14 يوليو، أو ما عرف لدى البعض بجمعة الغضب في الخرطوم بحري، أو ما سمي بثلاثاء أم درمان الدامي، الموافق 8 أغسطس.

في العادة تلجأ السلطات القمعية إلى قطع الإنترنت عند بروز أزمة سياسية ما، غير أن الأمر بدا ينحو نحو الاستدامة مع تطور الحرب العبثية، وهي تدخل شهرها الخامس؛ حيث يتمظهر كضرورة أمنية، أو بعض من مستلزمات المعركة، وليس محض عدوان سافر وتعد على الحقوق الرقمية للمواطنين، وفي مقدمتها الحق في الوصول إلى الإنترنت، نفسه.

وفي تبادل المعلومات والاراء والأخبار ، حسب نص المادة التاسعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تقرأ: لكل شخص الحق في حرية الراي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود الجغرافية.

ينطلق القلق المشروع الذي يجتاح المواطنين إثر انسداد الإنترنت، المنفذ الرئيس لتدفق الأخبار- وفق الخبرة المكتسبة، أو في ضوء ما ترسب في الذاكرة الجمعية من وقائع- من شك معقول، بأن لدى السلطات الحاكمة ما ترغب في إخفائه: كارثة أو مجزرة، من قبيل مجزرة القيادة في 29 رمضان/ 3 يونيو 2019، مثلا.

وقد عدد تقرير دوري لنقابة الصحفيين السودانيين،صدر مؤخرا، جملة من التعديات والانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة والصحفيون في ظل الحرب. لكن يظل قطع الإنترنت أو إبطاء سرعته، ذروة في تلك التعديات والانتهاكات.

لذلك فإن مناهضة قطع الإنترنت، لابد أن تجد حيزا بارزا في أنشطة الصحفيين. ومن نافلة القول إن تعطيل الإنترنت، جزئيا أو كليا، لا يقتصر تأثيره السلبي على الإعلام البديل، موضع معاينة المقال، فقط.

يؤثر قطع الإنترنت بشكل مباشر على الصحافة الإلكترونية والمواقع الإخبارية، في وقت توقفت فيه الصحافة الورقية، وتعطلت خدمات الراديو والتلفزيون من المركز، مثلما يؤثر على منصات التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى مصدر مهم لاستقاء الأخبار والمعلومات.

تتعمد السلطات، ضمن الظروف الراهنة، حجب الحقائق المتصلة بسير الحرب، وشل قدرة المواطن في التقرير بشأن وضعه الأمني، وسلامته وسلامة أسرته، أو بشأن الموقف الصحيح الذي يتعين عليه اتخاذه في مواجهة الحرب وتداعياتها.

مثلما تتعمد تغييبه عن المشاركة، أو مراقبة عمل الآليات التي تسعى للتأثير على مصائره ،في إطار الجهود متعددة الأطراف، الرامية لايقاف الحرب.

معرض الصور