02/09/2023

العدسية.. وجبة تصارع الجوع وحدها أثناء الحرب

مواطنون - الخرطوم
أظهرت وجبة البليلة ثباتاً منقطع النظير وهي تصارع الجوع وحدها في الحرب بعدما انسحبت جميع أصناف المائدة السودانية، وهروب الفول وابنه الشرعي البوش من المطاعم والدكاكين داخل الأحياء التي أغلقت أبوابها بسبب القتال الذي تشهده العاصمة الخرطوم منذ شهر أبريل الماضي.

وباتت البليلة التي تعرف وسط السودانيين بالعدسية وجبة يعتمد عليها غالبية السكان المتواجدين حالياً بالخرطوم وأصبحت عنصراً أساسياً في غذائهم اليومي خاصة وجبة الإفطار. وقد تكون فضل زاد حتى وجبة العشاء بعدما ألغى الغالبية وجبة الغداء من القائم تماشياً مع حالة الطوارئ والنقص الحاد في السلع الضرورية التي فرضتها الحرب.

والغريب في أمر العدسية“ إن الوجبة الشعبية يتم توزيعها مجاناً دون مقابل مادي داخل الأحياء والمناطق السكنية حيث يقوم بعض المتطوعيين الشبابة بتجهيزها وطهيها وتوزيعها على المواطنين الذين يحجزون أماكنهم بالأواني مثل البستلة والجرادل التي تضع جميعها صفاً حسب الأسبقية الزمنية، ويظفر الفرد بمقدار محدد من العدسية، فيما يمنع بتاتاً منح اثنين من أسرة واحدة.

وانتشرت البليلة العدسية وجبة رئسية داخل أحياء الخرطوم لا سيما منطقة شرق النيل حيث تجد في المربع الواحد أكثر من ثلاث منافذ توزيع مثل مربع 20 الحاج يوسف الأسر الصغيرة، ومربع 2 الأسر الصغيرة. وتشهد تلك المنافذ نشاطاً مقدراً من الصبية والصغار وبعضاَ من كبار السن والنساء الذين اعتمدوها عنصراً رسمياً لوجبة الإفطار بدلاً عن الفول الذي كان يسيطر على الوجبة قبل الحرب.

ويقول عم السر: ليس لدينا طعاماً غير البليلة العدسية حيث أصبحت مصدر طعامنا الوحيد بعد اختفاء السلع الأخري مثل الدقيق، الأرز، الخضروات واللحوم بالإضافة إلى الضائقة المالية بسبب الحرب. وأضاف:كتر خير هؤلاء الشباب الذين يقومون بتجهيز هذه العدسية للناس يومياً، ولو لا هؤلاء الشباب لا ندري ماذا نفعل والحمد لله على كل حال.

أما محمد على الملقب بـ (أبو طويلة) والذي يقوم بتجهيز وتوزيع العدسية يقول:

كنت أبيع الفول في دكاني هنا، ولكن اللصوص سرقوا القدرة بفولها، وعليه تحولت لتوزيع العدسية مجاناً للمواطنين والجيران هنا في هذا المربع. وأشار أبو طويلة إلى أن هناك رجال بر وأحسان يتبرعون بشوالات العدسية دون التطرق لذكر أسمائهم. وهذا العمل يؤكد معدن السودانيين رغم ظروف الحرب اللعينة ووجها القبيح.

ولم يختلف محمد حسين الذي يعد ويجهز هو الآخر قدرة كبيرة من العدسية يومياً كثيراً عن أبوطويلة فقد أكد أن هناك أشخاص يتبرعون بقيمة البليلة وقال لمواطنون عندما سألته عن مصدر التمويل :خليها مستورة على الله، وهي إجابة دبلوماسية لا يريد كشف تلك الأسماء التي تبحث الأجر والثواب.

وتعد العدسية أو البليلة، التي تصارع الجوع وحيدة في الحرب الدائرة حالياً، من الوجبات الاستثنائية التي تتألق وتظهر بشكل دائم في شهر رمضان. فكل ما يحين موعد الصوم تأتي برفقته ويهتم بها الناس كثيراً، حيث يتم تجهيزها بطريقتين الأولى بالبصل والزيت والشمار، فيما يفضلها البعض بالطريقة الثانية مخلوطة بالسكر، وفي الحالتين يعتبرها الأطباء والسودانيين ذات قيمة غذائية عالية ومصدر أساسي لإرتفاع نسبة الدم في الجسم.

معرض الصور