15/09/2023

تقسيم السودان.. هل ينهي الحرب؟

الخرطوم ـ مواطنون
يبدو أن ليس للمجتمع الدولي، أو مبادرات دول الإقليم من جدة إلى أديس أبابا من أذن صاغية لدى طرفي الصراع في السودان. فغياب آليات المراقبة، وإطالة أمد الحرب وأضرارها الكارثية، واستمرار الافلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان في السودان لما يقارب الأربعة عقود، شجع على اندلاع حرب 15 أبريل ضد المدنيين العزل. إذ حدثت انتهاكات واسعة للقانون الدولي الإنساني منذ اليوم الثاني للحرب وحتى اللحظة، بقتل الآلاف، واغتصاب المئات، وتشريد الملايين، وهدم مؤسسات صحية وخدمية، وانقطاع المياه والكهرباء والاتصالات.

وتبادل طرفا النزاع التصريحات خلال اليومين السابقين، حيث رد زعيم الدعم السريع محمد حمدان دقلو في تسجيل صوتي، على مشاورات يجريها الجنرال البرهان بتكوين حكومة تصريف أعمال مقرها بورتسودان شرقي السودان، بتكوين سلطة مدنية مقرها الخرطوم.

من جهتها قالت بعثة يونتامس في بيان صحفي بأنها ظلت على اتصال وثيق مع الجيش والدعم السريع؛ لحثهما على الالتزام بوقف إطلاق النار بصورة جدية، والانتقال نحو وقف دائم للأعمال العدائية.

وفي رد فعل سريع قالت قوى الحرية والتغيير إنها تتابع بقلقٍ بالغ المؤشرات التي تتصاعد بتلويح طرفي الحرب بتكوين حكومة في مواقع سيطرتهما، وهو أمرٌ خطير للغاية سيترتب عليه تفتيت البلاد وتقسيمها.

وأكدت إنطلاقاً من موقفها التاريخي والوطني رفضها التام لهذا الاتجاه الذي يبذر بذور تفتيت وحدة السودان ويعمق الصراع ويوسع دائرة الحرب تمهيداً لتحويلها لحرب أهلية شاملة، بحسب بيان صادر امس الجمعة.

وشدد بيان الحرية والتغيير المجلس المركزي بأنه ومنذ انقلاب ٢٥ أكتوبر٢٠٢١، فإنه لا شرعية لأي جهة في السودان لتكوين أي حكومة. ووفقاً لما تقدم فإن قوى الحرية والتغيير ستتخذ عدداً من الخطوات للتصدي لمخططات تقسيم البلاد والعمل من أجل إيقافها على رأسها التواصل المباشر والفوري مع القوات المسلحة والدعم السريع بغرض حثهما على تجنب أي خطوات حالية أو مستقبلية تُفضي لتمزيق البلاد وإستمرار الحرب وتصعيدها وزيادة رقعتها، وسنعمل علي تشجيعهما على الجلوس للتفاوض من أجل وقف الحرب ومعالجة الوضع الانساني الكارثي.

وقالت قوى الحرية والتغيير إنها ستكثف تواصلها مع القوى السياسية والمدنية من أجل بناء أوسع جبهة مدنية مناهضة للحرب والمحافظة على وحدة السودان، مطالبين المجتمع الدولي العمل بجدٍ للأطراف لتلاف تطور مسار الحرب ودعوتهم للعب دور ايجابي يسرع من إنهاء هذه الحرب العبثية وإستعادة مسار الإنتقال المدني الديمقراطي.

مضيفة بتسخير كل إمكانياتها وأدوات عملها السياسي والدبلوماسي والإعلامي من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها وحريتها وأمنها، مراهنبن على وعى الجماهير ومكتسابتها التي حققتها شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.

وتدخل حرب الخرطوم شهرها السادس بحصد آلاف من القتلى، وعشرات الآلاف من الجرحي والعشرات من حالات اغتصاب موثقة أغلبها تمت بواسطة قوات الدعم السريع، وقصف بالطائرات طال المنازل والمرافق العامة وطال المدنيين من قبل الجيش السوداني، واحتلال لمنازل المدنيين من قبل قوات الدعم السريع وسرقة لممتلكاتهم. وبحسب محللين فإن الاعتداء علي المدنيين من قبل الجيش والدعم السريع وتضييق للفضاء المدني، كل ذلك قامت به قوات يفترض أن مهامها حماية التراب السوداني، خصصت له لها الموارد واغتصبت بعضها بدعوى حماية المواطن السوداني.

وخلال أشهر الحرب نزح أكثر من 5 مليون سوداني من مناطقهم، 4 ملايين منهم داخل السودان ومليون ويزيد إلى خارج السودان. ولأول مرة في تاريخ السودان لم يتمكن طلاب المدارس من خوض امتحان الشهادة السودان، وتعطلت الحياة التعليمية بالكامل دون أي أفق لاستئناف الدراسة. وفي ولاية الخرطوم تعطلت أكثر من ٧٠٪ من المسنشفيات والمراكز الصحية، بحسب آخر تصريح لوزير الصحة الاتحادي، كما تعطلت مصانع الدواء الوطنية التي توفر أكثر من ٤٠٪ من حاجة البلاد للدواء كما تعطلت بشكل كبير حركة استيراد الدواء .

ويواجه الموسم الزراعي الصيفي مشاكل كبيرة إن لم يكن فشل بالفعل. ولا توجد حتي الآن حلول مناسبة، واستعدادات كافية للموسم الشتوي. ومع تقدير الأمم المتحدة السودانيين الذين يحتاجون الي مساعدات إنسانية ب25 مليون سوداني عند بداية الحرب، فإن اشكاليات كبيرة تواجه الأمن الغذائي وتوفر الخدمات الأساسية للمواطنين .

مع كل هذه المعاناة هنالك من ينظر لهذه الحرب بأنها ضرورة ويجب أن تستمر، ومع كل هذه الجرائم والانتهاكات هنالك من يدعم قادة الحرب أو علي الاقل لا ينظر إليهم بأنهم مجرمين يجب أن تطالهم يد العدالة.

ويبقى السؤال هل تقسيم السودان سيوقف الحرب؟

معرض الصور