إصرار على استعادة المسار المدني برغم التعقيدات
مريم أبشر
في 11 أبريل 2019 توج السودانيون نضالاتهم السياسية المستمرة واسقطوا أعتى الديكتاتوريات العسكرية في أفريقيا، واقتربوا كثيرا من تحقيق حلمهم بدولة مدنية ديمقراطية تنعم بالسلام والعدالة والحرية.
لقد تحققت ثورة عظيمة في العام 2019، غير أنها واجهت العراقيل باستمرار إلى أن أطاح العسكريون، من الجيش والدعم السريع، بالحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، برغم أنهم كانوا شركاء فيها، لتتصاعد من بعد ذلك المصاعب وتنتهي في منتصف أبريل الماضي إلى حرب شاملة بين العسكريين أنفسهم. بدأت الحرب من العاصمة الخرطوم بكل ما في الحرب من وحشية.
وحتى كتابة هذا التحليل لا تلوح في الأفق نهاية قريبة لها، لكن مع ذلك تظل رغبة السودانيين في استعادة مسار الحكم المدني الديمقراطي قائمة، مثلما يقول السياسي والقانوني المعز حضرة، وغيره من القوى السياسية والمدنية.
وفي الواقع فإن الحرب التي اندلعت أخيرا بين الجيش وقوات الدعم السريع جعلت مهمة استعادة البناء المدني الديمقراطي أكثر صعوبة مما كان عليه الوضع في السابق، فقد دمرت كل شيء على المستوى الداخلي، وجعلت البلاد بحاجة لفترة طويلة لإصلاح ما تم تدميره. أما خارجيا فإن السودان محاط ببلدان لا ترغب أن ترى فيه وضع ديمقراطي مستقر.
ويشير المعز حضرة إلى أن القوى السياسية المدنية، باستثناء الإخوان المسلمين الذين اشعلوا الحرب، تسعى لتكوين (جبهة مدنية عريضة) لمواجهة أعداء ثورة ديسمبر ومن يؤيدون الحرب، وأن الجبهة المدنية من مهامها الأولى إيقاف هذه الحرب العبثية والوصول لوقف دائم لإطلاق النار، لافتا إلى أن المجتمع الدولي سيدعم هو الآخر الوصول إلى هذه الرغبة وتكوين الحكومة المدنية.
ولابد من التذكير بأن الحكومة الانتقالية التى يمكن أن تتشكل بعد أن تضع الحرب أوزارها أن تكون حكومة تراعي التمثيل العادل لقطاعات الشعب السوداني وفئاته دون استثناء. وفي كل الأحوال، تظل أشواق السودانيين للحكومة المدنية والديمقراطية رغبة متأصلة فيهم، وقد ضحوا من أجلها بأنفسهم لسنوات وقدموا الغالي والنفيس، خاصة الشباب والنساء ممن اكتووا بالدكتاتورية السابقة في الجبهة الإسلامية، ولا زالوا يواجهون متاعب الحرب.