الحرب تبعد المريخ لـ (رواندا) والهلال وسط (زلازل المغرب)
الزين عثمان
الحرب التي انطلقت رصاصتها الأولى في المدينة الرياضية بالخرطوم، منتصف أبريل الماضي، لم ينج من آثارها وتداعياتها الكارثية مكان في السودان الكبير. آخر مشاهد حرب القوات المسلحة والدعم السريع كانت تلك المبثوثة في وسائط التواصل الاجتماعي التدمير الذي طال مقر الاتحاد العام لكرة القدم، على مقربة من مطار الخرطوم. وبعد تحول الخرطوم لميدان للموت، ثمة سؤال يدور في بعض الأذهان: كيف هو حال ميادين كرة القدم.
في سودان الثنائيات المتقابلة، ثمة ثنائية لا يمكن الصعود فوقها هي ثنائية الهلال والمريخ، قمة الكرة السودانية، ديربي أمدرمان وكلاسيكيو السودان، والممثلان بصفة شبه دائمة للبلاد في المنافسات الأفريقية.
في الشهر الخامس للحرب استعاد حي (العرضة) الأمدرماني الذي يحتضن ملاعب الهلال والمريخ اسمه التاريخي القديم منذ عهد الثورة المهدية في القرن الثامن عشر، حيث كان هو مكان استعراض الجيوش في ذلك الزمان. وهي ذات الصورة الآن حيث تحول الحي الذي كان صاخبا بهتافات جماهير الكرة لمسرح مواجهة بين المتقاتلين، وبالطبع خلا من السكان، وتحولت الملاعب إلى ساحات استراحة للمتقاتلين.
في الحرب تعرضت مقرات أندية الهلال والمريخ للنهب والتخريب مقرونا ذلك بموت عدد لاعبي كرة القدم للموت. وكان قائد فريق الهلال السابق، سيف مساوي، قد أشار قبل يومين لتعرضه وأسرته للضرب بفعل اقتحام مسلحين لمنزله بغرض النهب.
لكن برغم اشتعال الحرب في الخرطوم ومدن سودانية أخرى، لم يرم لاعبو الكرة السودانية المنديل، وواصلوا مشاركاتهم القارية على مستوى الأندية والمنتخبات. وفي مباراته الأولى لدوري أبطال أفريقيا رفع لاعبو المريخ لافتة كتبوا عليها (السودان في قلوبنا).
وبسبب الحرب المشتعلة في الخرطوم واستحالة آداء المباريات داخل السودان، اختار فريق المريخ رواندا لخوض مواجهاته الكروية، وكأنه يستعجل خطوات الوصول لمصالحة بين فرقاء السودان، أسوة بما حدث في تلك الدولة.
وعصر اليوم سيخوض المريخ مواجهة أمام فريق الشباب التنزاني من أجل حجز مقعد في مجموعات الأبطال، وبالطبع بأمل العودة للخرطوم قريبا؛ فلا مكان يضاهي استاده ولا هتاف أقرب من ذلك المنطلق من حناجر مشجعيه بالطول بالعرض مريخنا يهز الأرض.
في الجانب الآخر، اختار الهلال دولة المغرب من أجل خوض مبارياته الأفريقية في النسخة الجديدة من أبطال أفريقيا، بعيدا عن (المقبرة) اسم استاد الهلال عند جماهيره، في إشارة لهزيمة كل الخصوم في الملعب الكائن بأمدرمان.
بالنسبة للفريق الأمدرماني الأزرق من المؤمل أن يواجه فريق أول اغسطس الأنغولي غدا الأحد في انغولا؛ فان زلازل الطبيعة في المغرب تبدو بردا وسلاما مقارنة بزلازل الموت التي تهز مدرجات القلعة الزرقاء في أمدرمان بفعل تبادل النيران بين المتقاتلين في حربهم العبثية.
بالنسبة لجمهور المريخ والهلال، أكبر حزبين في السودان، فأنهما يفتقدان صخب الكرة والتشجيع، ويرغبان في وصول محطات التتويج الأفريقي، لكنهما يتمنيان أكثر أن تحصل بلادهم على كأس السلام، وتعود الميادين لحروب الأقدام بدلا عن حرب وعبث الألغام.