السودان: الواقع يكذّب المسؤول الأول للصحة
متابعات ـ مواطنون
قال وزير الصحة الاتحادي المكلف؛ هيثم محمد إبراهيم لقناة العربية السعودية منتصف هذا الشهر، إنّ الفترة القادمة تتطلب وضع رؤية واضحة، لكيفية التدخلات في تقديم الخدمات الصحية، وفقاً للأولويات التي تحتاجها الخدمة التشخيصية العلاجية في البلاد.
حديث وزير الصحة الاتحادي المكلف؛ يشير الى أن رؤيته تأتي من واقع صحي مقبول يمكن البناء عليه، من حيث البنية التحتية، ووجود قاعدة لنظام صحي وطني، يتطلب فقط تدخل إداري يستطيع تقديم خدمات علاجية وفقا لما يراه سعادة الوزير المكلف أولوية.
لكن التقارير وواقع الحال يكشف غير ذلك، ويتعداه لقول الحقيقة المرة والحالة الرثة لواقع صحي منهار خاصة بعد حرب الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي.
فالنظام الصحي الوطني يعتمد الآن على الإغاثة الطبية من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية بنسبة تفوق الـ ٧٠٪ بحسب تقارير صادرة من منظمة الصحة العالمية. ويفضحها الآن توقف كافة المؤسسات العلاجية في العاصمة الخرطوم، وآخرها مستشفى النو بأمدرمان.
كما تعاني المؤسسات الصحية في الولايات الغربية في دارفور، واقعا مزريا بعد خروج معظمها عن الخدمة جراء الاقتتال واستخدامها كثكنات عسكرية، آخرها في مدينة زالنجي المنكوبة منتصف الاسبوع الجاري، وقبلها الجنينة ونيالا. في الوقت الذي تشهد فيه الفاشر نزوحا كبيرا أثر على الخدمة المحدودة التي تقدمها المؤسسات الحكومية العلاجية.
أما في باقي الولايات التي لم تصلها الحرب فإنها تشهد ضغطا رهيبا، وصل حد استيعاب بعض المشافي لخمسة أضعاف سعتها، بحسب مصادر طبية في شندي وعطبرة والقضارف.
وليس ببعيد حالات الوفيات التي حدثت لإعداد كبيرة من مرضى الفشل الكلوى والسرطان والسكري في هذه الولايات نتيجة النقص الحاد في الأدوية المنقذة وضعف الخدمات المقدمة.
وتواجه مدينة القضارف بشرق السودان وباء حمى الضنك، وسط غياب تام للسلطات الصحية المحلية، وارتفاع اسعار الأدوية، وانتشار تجارة الأزمة في الأدوية المنقذة للحياة.
الجهود الحكوميّة مِن قبل بلدية القضارف ووزارة الصحة، كالعادة دون المستوى المرجو ولكنه المتوقع، وكأن هذه السلطات (المحلية الإتحادية) تُصِّر على تأكيد فشلها عند كُل جائحة، حيث لا يخلو بيت من بيوت القضارف مِن مريض/ة بالحمى اللعينة، بحسب مصادر محلية. والمُستشفيات والمراكز الصّحيّة والعيادات الخاصة، تستقبل على مدار السّاعة مرضى جُدد، ودريبات البندول، وبإعتبارها العلاج الوحيد، تنعدم مِن أرفف الصيدليات رويداً رويدا، وأصبح الحصول عليها بالصعوبة بمكان، وكما جرت العادة يطفو على السّطح، تُجار الأزمات والسّوق السّوداء ومُحاولة التكسب على مُعاناة النّاس وآلامهم، فحكومة الولاية الرّشيدة وواليها المُبجل إدارته الصحية، تُنظم حملات شوفنيّة لا تُقدم ولا تؤخر.