السودان.. مزيدا من الحرب في يوم السلام العالمي
الزين عثمان
في اللحظة التي كان فيها العالم يحتفي بيوم السلام العالمي، كانت عيون السودانيين وأذانهم معلقة بين الصفحات الرسمية لقائد قوات الدعم السريع، الجنرال دقلو وقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يتواجد القائد العام لقوات الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، اللذان يخوضان معركة منذ منتصف أبريل.
خاطب الرجلان العالم لتوضيح وجهات نظريهما في الحرب وسبل إيقافها.
ودون أن يضيف جديد غير ظهوره في فيديو مصور، عكس المرات السابقة، جدد قائد الدعم السريع، محمد حمدان، في خطابه الذي قال إنه يوجهه للجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهاماته لقائد الجيش وفلول النظام السابق بأنهما فرضا عليه وعلى قواته خوض الحرب.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال قائد الجيش إن قواته تخوض معركتها ضد تمرد نائبه السابق، مطالباً العالم بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة أرهابية، والتعامل معها على هذا الأساس.
في يوم السلام العالمي، أبدى الطرفان رغبة في إنهاء الحرب في البلاد، وهو ذات المطلب الذي تكرر في خطابات رؤوساء العالم، ورددته مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، مولي في، بعد لقائها البرهان، حين قالت له: يجب على الأطراف إيقاف الحرب، وأكملت: يستحق السودانيون الحرية والسلام والعدالة.
ما جاء في الرؤية الأمريكية هو نفسه ما يريده الشعب السوداني عقب إسقاطه نظام عمر البشير قبل أربع سنوات، ما يفرض السؤال هو: كيف قابل السودانيون خطاب قادة الحرب؟
كانت ردة الفعل على خطاب حميدتي المبثوث في وسائط التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية تتمحور حول جدل ما بعد اندلاع المواجهات والبحث عن إجابة السؤال: هل مات أم أنه على قيد الحياة؟
رغم أن قائد قوات الدعم السريع أبدى استعداده للتفاوض من أجل إنهاء الحرب بالاستجابة للمبادرات المطروحة، إلا أن خطابه خلا من أهم ما كان ينتظره الناس، وهو الإشارة لمغادرة جنوده منازل المواطنين والمستشفيات.
وفي الواقع لا يهم السودانيين ما إذا كان حميدتي حيا أو ميتا طالما إن جنوده في الشوارع والبيوت.
فيما تحول خطاب قائد الجيش في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنصة أخرى من منصات الصراع. من يدعمونه رأوا في تواجده في نيويورك بمثابة هزيمة لمن يعارضونه، وأنه بمجرد حديثه هناك، امتلك شرعية كونه ممثل للسودان في المحافل الدولي، وهي خطوة قد تمكنه من المضي قدماً في تشكيل حكومته التي لوح بها في وقت سابق.
فيما اعتبر معارضو الرجل المشاركة هناك بمثابة هزيمة جديدة للبلاد ولشعبها المقهور بالحرب العبثية؛ خصوصاً وأن الكلمة التي إلقاها الرجل تجاوزت مخاطبة أشواق الشعب في السلام والاستقرار، ومثلت بداية أخرى من بدايات الرجل الذي يقفز من مركب نحو آخر ودون إحساس بالذنب، وأنه تحدث حول تجاوزات الدعم السريع وانتهاكاته، وأهمل انتهاكات الطرف الذي يقوده في ذات الحرب.
أنهى الجنرالان خطاباتهما وبعثا برسائلهما في بريد من يهمهم الأمر في انتظار مآلات ومخرجات ما قيل، في وقت لا تزال فيه أرقام الموتى تتابع، وأوضاع المستشفيات تزداد سوءا وأطفال السودان يواصلون دفع فاتورة الحرب، ومثل ذلك بيوت المواطنين؛ فمن نجا منها من القصف، يسقط في فخ النهب والحرب التي نعتها البرهان سابقاً بالعبثية، ويتم توصيفها الآن بالحرب الشخصية المستمرة دون توقف.
في يوم السلام، لا تبدو خطابات جنرالا الحرب بمثابة مسكن طمأنة يمكن للشعب السوداني البناء عليه، خصوصاً وأنها خطابات للخارج أكثر منها للداخل.