على مشارف عام من ازمة 25 اكتوبر وتداعياتها
عبدالله رزق ابوسيمازه
خلال احاديث على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، نهاية الاسبوع الماضي، عبر الرئيس الامريكي جو بايدن، عن تضامن بلاده مع الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لبلدان غرب افريقيا (إيكواس) في التصدي لموجة الانقلابات العسكرية، التي بدات تضرب القارة، مرة اخرى، لتضيف جديدا للتحديات المصيرية التي تواجهها افريقيا.
وغير بعيد عن الاحتمال، ان الولايات المتحدة الامريكية تنتظر هي نفسها، منذ حين من الوقت، تضامنا مماثلا، في مواجهة الوضع الانقلابي في السودان، الذي يوشك ان يكمل عامه الثاني، وتداعياته في ازمة 15 ابريل 2023، اذ ظلت الولايات المتحدة وشركاؤها، منذ ذلك الحين، تسعى لاحتواء ماتسميه بالاستيلاء العسكري، الذي قطع الطريق امام انتقال السلطة للمدنيين واستعادة مسار التحول الديموقراطي، الى ان تفاجأت بانفجار الوضع داخل المكون الانقلابي نفسه.
ففيما تعثرت جهود إيواكس في انهاء الانقلاب العسكري، واعادة الحكم للمدنيين، في مالي وبوركينا فاسو، قبل ان يتفاقم الوضع ويسوء، بانقلاب النيجر، وانقلاب غينيا كوناكري الذي سبقه، فان مساعي الولايات المتحدة الامريكية المماثلة فيما يخص الوضع في السودان والتي تنطلق من رفض توصيف ماحدث في 25 اكتوبر2021 بالانقلاب العسكري، لم تحقق حتى الان اي نتيجة ايجابية.
من شان هذا التعثر على مسارات مقاومة الانقلابات كافة، ان يشكل حافزا لوقوع المزيد منها، وتعميم الظاهرة الانقلابية،كملمح رئيس لافريقيا المستقبل.
ففي حين استثمر انقلابيو الساحل في المشاعر المعادية لفرنسا، المختلطة بالاحباط من عجز القوى العسكرية المحلية والاجنبية، وفشلها في الحرب على الجهاديين، والتي عبرت عن نفسها في شيوع اتهامات لفرنسا في بوركينا فاسو ومالي بدعم اؤلئك الجهاديين المنتمين لداعش ولتنظيم القاعدة بشكل رئيس، فان الجيش كما هو الحال في غابون التي شهدت احدث الانقلابات العسكرية بات يمثل وسيلة التغييرايا كان كنهه ومداه، في ظل ضعف المجتمع المدني وتراجع دوره بسبب القمع والكبت، وتحول الجمهوريات الى انظمة شبه ملكية، تعطل اي تداول حقيقي للسلطة وتعتمد الوراثة في توزيعها، او باغتيال الرئيس كما في حالة التشادي ادريس ديبي، وهو على عتبة ولايته السادسة.
فالي جانب دينيس ساسو انغويسو الذي راجت انباء عن الاطاحة به بانقلاب، اثناء توجهه لحضور جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة، بعد ان ظل يحكم الكنغو برازافيل 21 عاما، هناك بول بيا الرئيس المزمن للكاميرون، والذي تشهد بلاده احدث حرب انفصالية في القارة ربما يكون تفاديها رهنا بانقلاب ينهي اربعين عاما من حكم الكهل البالغ من العمر 90 عاما.بجانب ثيودورو اوبيانغ نغويما مباسوجو، (الزعيم الاطول حكما في العالم)، الذي يرأس غينيا الاستوائية منذ اربعة و اربعين عاما، وينتظر ان يرث ولده النائب الاول لابيه، المطلوب للعدالة في اكثر من بلد اوروبي.
مع ذلك، تظل الحاجة قائمة لابتكار وسائل ضغط اضافية وجديدة، سياسية وديبلوماسية واقتصادية، في حين بدا ان الخيار العسكري، الذي تبنته إيكواس غير موات وغير مضمون النتائج. ففي البدء لابد من توحيد الرؤية فالاستيلاء العسكري، والانقلاب العسكري، وجهان لعملة واحدة هي معاداة الديموقراطية والحكم المدني. ومن ثم توسيع جبهة مناهضة الانقلابات العسكرية على المستويين الرسمي والشعبي، على ان يتقدم ذلك دعم وتعزيز المجتمع المدني، اذ ان استعادة الديموقراطية وحمايتها، ينبغي ان تقترن بفعل الشعب وارادته الحرة.
في هذه الاثناء، يمكن للشعب السوداني، وهو يخوض معركة مزدوجة من اجل ايقاف الحرب ومن اجل استعادة مسار الانتقال المدني الى الديموقراطية في آن، ان يقدم نموذجا تقتدي به الشعوب الافريقية في معاركها المصيرية.
وفي هذه الاثناء، ايضا قد لا يبدو مبكرا، التقرير بشان فشل جهود ومساعي المجتمع الدولي (الثلاثية والرباعية والايقاد والاتحاد الافريقي ومجموعة دول الجوار بقيادة مصر) حتى الان، في تفكيك ازمة 15 ابريل، وهي تدخل شهرها السادس، وازمة 25 اكتوبر، وهي تقترب من طي عامها الثاني.