مشقة أن تكوني صحفية في السودان

ثناء عابدين

عاشت إنعام أحمداي أصعب لحظات في حياتها وسط اقتتال هو الأشرس في تاريخ المنطقة، وبسبب ذلك تعرضت للتهديد بالقتل، وسرقت ممتلكاتها ودمرت معدات عملها.

تعمل إنعام أحمداي صحفية من مدينة الجنينة، بولاية غرب دارفور، التي شهدت صراعا قبليا يعتبر الأعنف والأسوا في تاريخ غرب دافور. وكانت قبل وأثناء اندلاع الحرب تعمل مراسلة لمواقع إخبارية من مدينتها.

وفي وقت سابق، قالت نقابة الصحفيين السودانيين إن المئات من الصحفيين، من بينهن 112 صحفية، غادروا منازلهم في العاصمة الخرطوم إلى الأقاليم أو إلى خارج البلاد بسبب الحرب. وأشارت إلى ظروف بالغة التعقيد يعيشها الصحفيون في ظل الحرب، يتعذر معها القيام بأي مهمة صحفية، ومن بينها التضييق ونهب المعدات.

وحتى الشهر الرابع من الحرب بلغ مجمل الانتهاكات 239 حالة انتهاك، منها 7 حالات قتل للصحفيين أو ذويهم، و7 حالات إصابة بالرصاص، و14 حالة اعتقال، و12 حالة تهديد، و8 حالات إطلاق نار. وجرت كل هذه الانتهاكات في الخرطوم ودارفور وبقية الأقاليم.

قالت أحمداي أنها عانت مع أسرتها من صراع الجيش وقوات الدعم السريع على المنطقة مما اضطرهم إلى النزوح شرقا إلى ولاية القضارف. وتشير إلى أنها آخر صحفية تنزح من مدينة الجنينة، وكانت شاهدة على كل فظائع الصراع وتناثر الجثث التي لم تستطع نسيانها حتى اللحظة. وقالت إنها تعرضت للتهديد بالقتل من قبل شخص مجهول أثناء تغطية لأحداث الاقتتال وتصويرها، وشمل التهديد أسرتها، والدتها وأشقاءها، ومن ثم نهب وحرق منزلها.

حال إنعام أحمداي يشبه حال صحفيات كثيرات في السودان جراء استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع التي اندلعت في الخامس عشر من ابريل الماضي، وأثرت بشكل كبيرة على الصحفيات والصحفيين، وأصبحت الغالبية منهم خارج دائرة العمل، ولكن التأثير الأكبر يقع على الصحفيات وازدادت معاناتهن يوما بعد يوما.

وتقول الصحفية مآب التي أجبرتها الحرب على العودة إلى ولاية سنار إنها تواجه أوضاعا استثنائية، وتعمل في ظروف معقدة وخطرة. وهي الآن متوقفة عن العمل منذ 15 أبريل وتعيش أسوأ كوابيس الحياة، خاصة بعد ان استباحت قوات الدعم السريع البناية السكنية التي كانت تقطن فيها، وخسرت بذلك جميع ما تملكه إلى جانب من أوراقها الثبوتية والشهادات والأغراض الشخصية والمقتنيات. ومن وقتها لم تستطع ممارسة عملها.

تقول مآب (كنت أعمل بصحيفة ورقية، متوقفة حاليًا عن الصدور. وتم تسريحي عن العمل وإيقاف راتبي أيضا بقناة سودانية. ومع المخاطر الأمنية لا استطيع ممارسة عملي الصحفي. وكثير من الصحفيين يلجأون لإخفاء هوياتهم الصحفية حتى لا يتعرضون للمضايقات والاعتقالات من قبل السلطات).

أما سارة الطيب أحمد، المذيعة بالتلفزيون القومي، فتقول إن استمرار الحرب في السودان أثّر بشكل كبيرة على وسائل الإعلام، حيث توقف صدور الصحف الورقية، وأوقفت بعض القنوات الفضائية بثها من مقرها بجانب توقف صدور الصحف، وخلفت أوضاعا مأساوية للصحفيات والصحفيين.

أجبرت سارة الطيب على النزوح من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، وذلك بعد مرور شهرين على اندلاع الحرب وتعرض منزلها ومنزل والدها للنهب والسرقة والحرق. وتقول سارة إن الوضع في مدينة ودمدني أصبح صعبا للغاية من ناحية السكن والمعيشة والأسعار المرتفعة بالإضافه لعدم استقرار الكهرباء، وأيضا واجهتها معاناة كبيرة عندما تعرض ابنها الصغير للدغة عقرب ولم تجد المصل.

(الصحفيات مثلهن مثل النساء، يدفعن الثمن كبيرا، ويتعرضن للاعتداء الجنسي والسرقة والنهب). بهذه العبارات بدأت الصحفية عائشة السماني حديثها، ومضت بالقول (شخصيا عانيت كثيرا من هذه الحرب ومازلت بمعية أسرتي نقيم في الخرطوم تحت وابل القذائف والطائرات، ولم نستطيع مغادرتها نسبة لظروف والدي الصحية).