السودان.. قناة الجزيرة تتلقى التوبيخ
عبدالرحمن العاجب
برغم أن الحرب السودانية تجري على أرض العاصمة الخرطوم وبعض الإقاليم، إلا أن أرضها الموازية كانت وسائل الإعلام الإقليمية وربما العالمية.
ففي بحر الأسبوع الماضي، كانت قناة الجزيرة القطرية، على سبيل المثال، محل نقد لعدد من الصحفيين السودانيين، الذين يرون تغطيتها للحرب السودانية منحازة إلى طرف من أطراف الحرب ما يقلل من فرص السلام في البلاد.
وإزاء هذه التغطية المنحازة تقدم عدد من الصحفيين والكتاب السودانيين بمذكرة لإدارة القناة القطرية، مشككين في مهنية وحيادية القناة في نقل الرأي والرأي الآخر في الحرب التي تدور في السودان حالياً.
واعتبرت المذكرة أن مستوى التغطية وطريقتها لها تأثير خطير على مستقبل السودان السياسي والأمني والاستراتيجي، ما لم تعالج القناة الموضوعات بعقلانية في إطار الرأي الموضوعي.
وأشارت المذكرة إلى ميل القناة بشكل واضح نحو التركيز على رأي واحد من حيث الاستضافات في برامج القناة أو حتى التقارير التي تصاحب الأخبار بشأن السودان، وأرجعت ذلك إلى تحيزات وتوجهات بعض الموظفين في القناة من أصحاب التوجهات السياسية الضالعة تنظيماتهم في هذه الحرب.
واتهمت المذكرة بعض الموظفين السودانيين بالقناة بأنهم يمارسون تحيزاتهم وتوجهاتهم تحت غطاء المهام الروتينية العادية لوظائفهم كصحفيين أو إداريين، فاستطاعوا بذلك فرض خط ورؤية أحادية، جعلت من القناة وكأنها تمثل صوتاً واحداً، وتتبنى موقفاً منحازاً إلى جهة سياسية محددة في هذه الحرب، وبالنسبة للمذكرة فأن الانحياز السياسي الواضح من قبل موظفي أية قناة إذا ما انعكس على الأداء الإعلامي للقناة، فإنه يقدح في مصداقيتها، ويشوه صورتها.
وشددت المذكرة على ضرورة إعادة النظر في السياسة التحريرية لقناة الجزيرة فيما يتعلق بالمواقف المختلفة من الحرب الجارية في السودان، وتحري الحقيقة الإعلامية والصحفية، وبحسب المذكرة فإن هذا لن يتم إلا بمراجعة التكتلات السياسية والاجتماعية لأصحاب الرأي والرؤية المشتركة داخل إدارات القناة، ومحاولتهم لتشكيل رؤية للقناة تخالف خطها العام، والإفلات بهذا الفعل غير المهني من خلال دسه داخل دولاب العمل اليومي العام.
وفي سياق متصل يرى الصحفي ماهر أبو الجوخ أن المذكرة مثلت وجهة نظر إعلامية مهنية حول تغطية قناة الجزيرة التي شهدت انحرافا ملحوظا رغم محاولات التوازن العام، وانحازت لاستمرار الحرب، وهو موقف بات متعارض مع الموقف الرسمي لدولة قطر الداعي لإنهاء الحرب واستعادة الانتقال المدني وإخراج الجيش من السياسة.
وبالنسبة لأبو الجوخ فإن هذه المذكرة بوصفها تتوافق مع الموقف الرسمي مع قطر فمن المؤكد أنها ستكون لديها تأثير في ما يتصل بتحجيم نفوذ إعلاميين مؤثرين داخلها ومن الضروري الإقرار والاعتراف في ذات الوقت لحدوث تغيرات ملموسة في المحتوي التحريري للقناة خاصة بعد زيارتي وفدي الحرية والتغيير وقائد الجيش للدوحة في أغسطس الماضي.
وبحسب أبو الجوخ فإن الموقف القطري حالياً بات أكثر وضوحا تجاه الأزمة السودانية، وتم ترجمة هذا الموقف في خطاب أمير قطر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشكل مغتضب عندما طالب بإنهاء الحرب وإخراج الجيش من السياسية؛ لأن مهمته حماية البلاد لا حكمها، وهذا الموقف القطري يختلف عن الصورة المرسومة في السابق بأن الدوحة ستناصر الإسلاميين، مظلومين وظالمين، وهو ما يبدو أنه توصيف قد يصلح في الماضي لكنه في الحالة السودانية ما عادت هذه القاعدة تسري.
وقال أبو الجوخ إن أنصار النظام المباد ودعاة الحرب يخشون أن يكون موقف قطر هو الجزء الظاهر من جبل جليد تحولات أكبر قادمة في الطريق، ستجلعهم في حال حدوثها بدون أي حلفاء إقليمين ودوليين، وحينها سيوقنون إذا حدث هذا الأمر أنهم خسروا كل شيء، وبالوقائع هذه اللحظة قد تتأخر لكن مؤشراتها باتت واضحة المعالم.
فيما ينظر المحامي والكاتب الصحفي حاتم إلياس للمذكرة على أنها تحاول لفت انتباه القناة الذائعة الصيت أن تتوخى الدقة وتفعل الرقابة على بعض موظفيها من السودانيين أصحاب الموقف والانتماء، ويقول الياس أنه لايقصد بان لايكون لهؤلاء الموظفين انتماء سياسي أو موقف مما يحدث في السودان، لكن يجب أن لايستغلوا موقعهم لتجيير خط القناة لصالح موقفهم في التقارير أو نوعية ضيوف القناة.
وبالنسبة لحاتم الياس فإن المذكرة تنطلق من خوف وحرص أن تكون قناة الجزيرة منصة لتعقيد الوضع أكثر وتساهم عبر خطها الإعلامي في زيادة الحرب وتقليل فرص السلام، وأضاف قائلاً: اعتقد أن المذكرة لن تتوقف فقط عند قناة الجزيرة وربما تشمل قنوات العربية الحدث وقنوات أخرى.
وبحسب المذكرة فإن جميع السودانيين يعملون ويسعون من أجل وقف الحرب وتحقيق السلام، وأن ما تقوم بها قناة الجزيرة سيعيق جهود السلام.