الحرب على أجساد النساء
مريم أبشر
انتهاكات ضد الأديان والقوانين الإنسانية يندى لها جبين البشرية ارتكبت خلال الحرب بحق الشريحة الأضعف النساء، اللائى أوصى ديننا الحنيف قبل القوانين الإنسانية الوضعية بحفظ حقوقهن وصون كرامتهن (ما أكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم).
غير أن ما ارتكب بحقهن من انتهاكات جسيمة خلال هذه الحرب من اغتصابات وعنف جنسى بالخرطوم العاصمة وبعض ولايات دارفور، سيما من قبل الدعم السريع، ستظل وصمة عار تلاحق من ارتكبوها عبر التاريخ.
وقد وثّقت بعض هذه الجرائم كاميرات من ارتكبوها، ووجدت التنديد والإدانة من معظم المنظمات الحقوقيه الدولية والإقليمية والمنظمات الوطنية، الأمر الذى دفع بمجلس حقوق الإنسان للتصويت بالاغلبية لتشكيل لجنة تقصى دولية لكشف وفضح تلك الجرائم.
كثير من المختصين توقعوا توصل لجنة التقصى للحقائق خلال وقت وجيز لجهة أن الضحايا والمتهمين ماثلين. إلى جانب ذلك فإن وسائل الإعلام والوسائط المختلفة وثقت لتلك الجرائم وهى لا تزال ترتكب فى ظل استمرار الاشتباكات الدائرة واتساع رقعة الحرب و تراجع أفق الحل السلمى.
غير مألوف
الخبير فى القانون الانسانى الحقوقى، أسامة مهنا، قال إنها تعد ضمن الجرائم المسماة في قانون الحرب القانون الدولي الإنساني وكذلك حقوق الإنسان بل وحتى القانون الجنائي السوداني. وهناك في بعض مناطق دارفور كالجنينة مثلاً جرائم وقعت نتيجة لهجوم واسع النطاق من قوات الدعم السريع وربما بعض المليشيات المتعددة في البلاد.
وأشار مهنا إلى أن هنالك هجوم واسع النطاق، راح ضحيته الآلاف من أبناء قبيلة المساليت، وربما يندرج بشكل كبير ضمن جرائم الإبادة الجماعية. وهي جريمة مسماة في القانون الدولي الإنساني قانون الحرب، بل وحتى في القانون الجنائي السوداني.
ولفت مهنا إلى أن ارتكاب جرائم الإغتصاب الجنسي التي تطال الجنسين وتحت تهديد السلاح، تعتبر جرائم حرب بلا أدنى شك، فضلا عن ما يثار بأن بعض الفتيات المدنيات تم أخذهن إلي غرب السودان أو دول الجوار الغربي الإفريقي. وتابع بأن هذه جرائم جديدة لم يعرفها العالم في التأريخ الحديث. وهي جريمة بشعة وقد تعود بنا مباشرة إلي عهود الرق والإسترقاق الذي تعافى منه العالم منذ قرون من الزمان. وتوقع أن تقود تلك النتائج المجلس للتوصية لمجلس الأمن لإحالة هذه الإنتهاكات الخطيرة للغاية للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ومن بعده المحكمة الجنائية الدولية.
تضليل متعمد
القانونى الدكتور رفعت ميرغنى مصطفى، رئيس المفوضية القومية لحقوق الانسان السابق، فى سياق تعليقه على الانتهاكات التى ارتكبت ضد النساء خلال الحرب، أشار إلى أنه خلال هذا النزاع المسلح برزت العديد من المعلومات حول حالات الاعتداءات الجنسية وبخاصة في مدن العاصمة. ولفت إلى أن معلومات أشارت بأن هذه الانتهاكات قد ارتكبت من عناصر يتبعون لطرفي الصراع المسلح. وقال انه في وقت سابق طالب طرفي النزاع باتخاذ جميع التدابير الضرورية لضمان حماية النساء من جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف الجنسي والقمع وجميع أشكال الانتهاكات بما فيها الانتهاكات الجنسية. وذكر أنهم فى المفوضية طالبوا بالتحقيق حول هذه المعلومات عبر تمكين جهة مستقلة من إجراء تحقيقات حول هذه المزاعم.
وقال لا يمكن لأحد أن يتحدث عن ان هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية بدون تحقيق. وقال إنهم فى المفوضية القومية لحقوق الإنسان، ظلوا يطالبوا الجهات المعنية فى الحكومة بإجراء تحقيقات لمعرفة الحقيقة أولا، ومن ثم تحديد المسؤوليات.
وعبر رفعت عن أسفه من أن كثير من الجهات حاولت أن تستثمر في هذه الانتهاكات لتحقيق أهدافها السياسية. ونبه إلى أن بعض الأكاذيب التي تمارسها عناصر النظام السابق في وزارة الخارجية، وفي عدد من مؤسسات الدولة من شأنها الإضرار بالحقيقة والإضرار بحقوق الضحايا.
وتابع (انا اعلم تماما أنهم ليسوا حريصين على حقوق الإنسان، بدليل محاولاتهم الفاشلة للتضليل بشأن الإنتهاكات التي ارتكبت طيلة سنوات نظام البشير ومحاولات التضليل بشأن الانتهاكات التي ارتكبت بعد إنقلاب 25 اكتوبر، بما في ذلك جرائم عنف جنسي أرتكبت في ديسمبر 2021، ظلوا ينكرونها باستمرار).