لجنة تحقيق دولية..مبررات وتعقيدات
مريم ابشر
صوّتت 19 دولة بالموافقة لصالح على القرار، فيما رفضته 16 دولة، وامتنعت 3 دول عن التصويت.
ودعا القرار أطراف النزاع إلى التعاون بصورة كاملة مع بعثة تقصي الحقائق في أداء عملها. وحثّ المجتمع الدولي على أن يقدم الدعم الكامل للبعثة في سبيل تنفيذ ولايتها.
وتتكون البعثة من 3 أعضاء من ذوي الخبرة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، يتم تعيينهم من رئيس مجلس حقوق الإنسان في أقرب وقت ممكن لفترة أولية، مدتها عام.
وتم تكليف البعثة الدولية بالتحقيق وإثبات الحقائق والظروف والأسباب الجذرية لجميع المزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك المرتكبة ضد اللاجئين.
وكانت وزارة الخارجية السودانية استبقت صدور القرار، عندما كان في طور المشروع، بالرفض القاطع، ووصفته بـ «المتطرف» في التحامل على القوات المسلحة السودانية.
تشكيل لجنة دولية محايدة للوقوف على الحقائق ايدته منظمات حقوقية ومنظمات مجتمع مدنى داخلية واعتبرت تشكيل لجنة دولية للتقصى ضرورة قصوى فى الانتهاكات الانسانية الخطيرة التى ترتكب بحق المدنيين. وشككت فى اللجان الداخلية خاصه تلك التى أعلنت حكومة الأمر الواقع عن تشكيلها، لجهة انها معنية بالتقصى فى انتهاكات طرف دون الآخر.
قلق دولى
نفيسة حجر عضو لجنة محامى الطوارئ بدارفور اشارت الى ان تصاعد العنف خلال الأعمال القتالية الراهنة اصبح مؤشر قلق حقيقي للسودانين والمجتمع الدول رات أنه من الاسباب التي دفعت بريطانيا وأميركا والنرويج وألمانيا لتقديم مسودة لمشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان يفضي الي تشكيل لجنة دولية للتحقيق فيما يُعتقد أنها جرائم ارتكبت من قبل الجيش السوداني و قوات الدعم السريع المتحاربتين في السودان.
واضافت حجر هنالك اعتقاد بارتكاب الطرفين لانتهاكات مخالفة للقانون الدولي وحقوق الإنسان وللمعاهدات والمواثيق الدولية الملزمة وذلك من خلال واستهدافهم للمدنين والاعيان والمناطق المدنية. و تابعت هذا الاعتقاد أوجد حالة من القلق لدى المجتمع الدولي وتخوفه من انفجار الأوضاع بصورة تصبح السيطرة عليها صعبه، بعد أن قاربت الحرب على شهرها السابع ووتيرة الحرب في تزايد ولايوجد بصيص أمل لوقف هذه الحرب العبثية التي خلفت ورائها دمار كبير وخسائر في الارواح وحالة نزوح ولجوء غير مسبوقتين.
واعتبرت عضو محامى طوارئ دارفور ان مثل هذه التحركات ستضغط علي طرفي الصراع وتدفعهم لتقديم بعض التنازلات من أجل وقف الحرب والعودة للتفاوض والحوار.
مبررات وثغرات
وفى ذات السياق يرى حقوقيون ان الوضع في السودان وما ترتب عليه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يتطلب قيام جهة مستقلة بمهمة التحقيق، مشيرين إلى ان الحاجة لتحقيق مستقل بات مهما، مع الاخذ فى الاعتبار ان الواقع يؤشر على ان مؤسسات الدولة ليست مؤهلة للقيام بهذه المهمة.
الجدير بالذكر ان الفريق البرهان القائد العام للقوات المسلحة كان قد اصدر في مطلع شهر اغسطس قرارا بتشكيل لجنة للتحقيق فى الانتهاكات التى ارتكبتها قوات الدعم السريع.
واعتبر مختصون ان لجنة البرهان محاطة بعيوب جسيمة بحسب قولهم، لجهة انها لا يمكن ان تقوم بمهمة التحقيق المستقل، ووصفتها بالسياسية بالنظر إلى أن مهمتها التحقيق في جرائم قوات الدعم السريع علما بأن النزاع المسلح به طرفين هما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وان تخصيص اللجنة للتقصى فى جرائم الدعم السريع يعنى تبرئة القوات المسلحة من اية انتهاكات محتملة.
رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان المستقيل الدكتور رفعت ميرغنى قال ان لجنة البرهان صُممت بالأساس لتكون واحدة من أدوات الصراع السياسي والعسكري، ودلل على ذلك بتصريح النائب العام بشأن توجيهه الاتهام ضد 250 سياسيا وناشطا بحجة دعمهم للدعم السريع واضاف ميرغنى ان البرهان نفسه ليس مؤهلا لتشكيل هذه اللجنة باعتباره طرفا في النزاع القائم.
واضاف ميرغني أن جميع اللجان التي شكلت عقب انقلاب 25 اكتوبر لم تقدم اية نتيجة حتى الآن، وان استمرار الافلات من العقاب ظل مستمرا واعتبر ان اللجنة الدولية قد تكون خيارا جيدا في ظل هذه الظروف، خصوصا فى بروز كثير من الأكاذيب ومحاولات التعتيم على الحقائق بشأن الانتهاكات.
وقال رفعت لا أعتقد أنه بالإمكان تكوين لجنة وطنية مستقلة، لافتا إلى لجنة البرهان. ويرى ان النائب العام ليس مطلوبا منه ان ينتظر قرار من البرهان ليتحرك في تحري الانتهاكات، فهو بحكم وضعه يفترض فيه الاستقلال عن السلطة التنفيذية.
وتابع كيف يكون الرئيس غير الشرعي لمفوضية حقوق الإنسان عضوا في لجنة حكومية وهو يفترض ان يكون مستقلا عن جميع السلطات. واشار إلى ان لجنة البرهان وفقا لقرار تشكيلها مطلوب منها فقط حصر الانتهاكات وليس التحقيق فيها، ما يعنى القيام بعملية اشبه بالجرد دون فحص.
وتابع اضف الى ذلك نحن امام صراع فيه طرفان، والقرار اهمل تماما الانتهاكات المحتمل ارتكابها من قبل القوات المسلحة، باعتبار ان الانتهاكات ترتكب فقط من قبل الدعم السريع، وهو افتراض تخطئه الوقائع والممارسات، وتكذبه قذائف الطيران والاعتقالات التعسفية للنشطاء وغيرها من الانتهاكات التي ترتكب من قبل القوات المسلحة في العاصمة والولايات.