بدء العد التتازلى لإنتهاء الحرب
عبدالله رزق أبوسيمازه
في أعقاب اجتماع اللجنة التحضيرية، للمؤتمر التاسيسي للجبهة المناهضة للحرب، الذي سينهى أعماله في أديس أبابا، اليوم الأربعاء، بعد أربعة أيام من التداول، تنشد انتباه السودانيبن كافة، يوم غد الخميس، نحو جدة، حيث تنطلق دورة جديدة من المفاوضات بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، بعد توقف يقارب الثلاثة أشهر.
وهو منعطف مهم في مجرى الحرب، وهي تكمل شهرها السادس، يمكن أن يدشن بداية العد التتازلى لنهاية الحرب، ويبشر- بالتالي- في سياق تدافع منبري أديس وجدة، في الاتجاه نفسه، اتجاه تحقيق السلام، باحتمال توقف الحرب قبل إكتمال الجبهة المناهضة لها، في مؤتمرها المقرر له نوفمبر المقبل.
تعتبر استجابة القوات المسلحة للدعوة لاستئناف التفاوض حدثا مهما، سمح ،مرة أخرى، بإمكانية ترقب نهاية وشيكة للحرب. وهي استجابة، وإن تأخرت شهوراً عانى فيها المواطنون، ماعانوا من ويلات الحرب، فإنها تستحق الإشادة والتقدير، كخطوة صحيحة تنحاز لمصالح الوطن والمواطنين. غير أنها تجسد ،من جهة أخرى، انعتاق القرار العسكري من تأثير الإسلاميين، الذين اشعلوا الحرب وورطوا القوات المسلحة فيها، واستماتوا من أجل استمراراها، حتى تراق كل الدماء..!
قد تبدو المفاوضات، أاول وهلة ،شاقة، لكن يمكن التغلب على صعوباتها بتوفر حسن النوايا لدى طرفيها. وبالتزامهما التزاما صارما ونهائيا بخيار التفاوض ونبذ الحرب والاقتتال. والاستعداد لتقديم تنازلات متبادلة، من أجل الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات.
تنحو منهجية التفاوض للفصل مابين الملف العسكري والانساني من جهة والسياسي من الجهة الاخرى.
وتختص الجولة الحالية للتفاوض بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة، بالجوانب الفنية لمشروع اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات، وبالمسألة الإنسانية. فيما تختص جولة لاحقة بالجانب السياسي والمتعلق بترتيبات استعادة مسار الانتقال الديموقراطي ذي القيادة المدنية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، والتي قد تمثلها الجبهة المدنية المناهضة للحرب، قيد التاسيس.
يشكل خروج قوات الدعم السريع من المناطق السكنية أحد أهم مطلوبات الاتفاق، لكنه الأكثر شعبية، لارتباطه بعودة التازحين والمشردين واللاجئين إلى بيوتهم وتطبيع الحياة العامة. غير أن هذا المطلب، الاكثر الحاحا، غير معزول عن مجمل الاجراءات ذات الصلة، بدء بوقف إطلاق النار، في كل الجبهات ومسارح العمليات، ونشر فريق (امريكي/ سعودي، غالبا)، لمراقبته، بجانب قوات محايدة (من رواندا، الدولة الأكثر خبرة في هذا المجال، مثلا)، للفصل بين المتحاربين. وتأمين انسحاب قوات طرفي الحرب، كمرحلة أولى، إلى المواقع التي كانت عليها قبل 15 أبريل، في العاصمة والمدن الاخرى التي جرت فيها المعارك والمواجهات، مثل الأبيض ونيالا والجنينة، وذلك لتسهيل عودة المواطنين إلى مساكنهم، وإعادة تشغيل مرافق الخدمات، وتأمين ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الانسانية، للمتضررين من الحرب، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الاحمر...الخ