الحرب أشعلت الجشع وعدمت المرؤءة بين السودانيين
وليد النور
بعد دخول الشهر السابع من للحرب العبثية في السودان انخفض صوت البلابسة الذين أشتهروا بترديد (بل بس وجغم) وهي كلمات تدل على استمرار الحرب، ولكن فجأة ارتفع صوتهم بعد انتشار فيديو قصير مسرب لنائب القائد العام للقوات المسلحة بأن وفد القوات المسلحة سيذهب الى المفاوضات في جدة.
اشتعلت وسائط التواصل بالانكار، وتلفيق التصريحات بمصادر عسكرية تنفي ذهاب الجيش الى التفاوض. هؤلاء يريدون أن يخسر الشعب السوداني أكثر من خسرانه خلال الحرب اللعينة. ويريدون مزيدا من القتل والتشريد والنزوح واللجوء لابناء الشعب السوداني وهم في أمن بدول الجوار.
وخلال السبعة أشهر التي دارت فيها المعارك بالخرطوم خسر السودانيين ابنائهم غير المشاركين في العمليات العسكرية أوعبر الرصاص الطائش والدانات والقصف، وبسبب عدم توفر العناية الطبية، وخسر بعض السودانيين اطرافهم. ولكن أكبر خسارة كانت قيمة المروءة التي انعدمت خلال الحرب حيث استشرى الجشع بطريقة لم يتوقعها أي سوداني. وارتفع ايجار المنازل في الولايات بصورة غير مسبوقة. شقة استديو مابين (1000) الى (1500)دولار أمريكي للشهر الواحد. وفقد بعض أصحاب ألأعمال أعمالهم وتحولو الى معدمين. تحدثت مع صاحب مصنع فقد مواد خام بما قيمته 5 مليون دولار واخر فقد عددا من محلات السوبرماركت كانت منتشرة في الخرطوم بما يعادل أكثر من عشرة مليون دولار.
غير ان نظام الاسرة الممتدة في السودان اوالبيت الكبير الذي كان يسع الجميع من الاباء والاحفاد، وهو نظام متبع منذ قديم الزمان حيث يتزوج الابن ويتم تخصيص غرفة له في جزء من المنزل وكذلك الاصغر منه. الان تفرّق هذا النظام ونزحت افراد الاسرة كل اتجاه حيث يستطيع العيش، سواء داخل السودان في مدنه المختلفة او خارج السودان في دول الجوار والخليج. وبعض الاسرالسودانية فضلت العودة الى مسقط رأسها في الولايات، وبدأت في ترتيب حياتها من جديد. ونسبة كبيرة من الاسر التي غادرت العاصمة الخرطوم خاصة كبار السن، قرروا عدم العودة حتى اذا توقفت الحرب اليوم لعدة أسباب منها أنهم وجدوا حياة الريف أفضل من صخب الخرطوم، ووجدوا أقرانهم الذين إفتقدوهم منذ أمد بعيد.
وإذا كانت هنالك مكاسب للسودانيين فقد اكتسبوا تجربة قاسية في كيفية الاستفادة من الزمن، وترتيب الاحتياجات، ورسم الخطط، والتعايش مع الحياة وظروف الحرب، وتقديم التنازلات في كثير من الاشياء التي كانت تعتبر ضرورية وتحولت الى ثانوية. والاستفادة من خطأ أن كل الاستثمارات الناجحة لابد ان تكون في عاصمة البلاد. وعلى الرغم من للاستثمار في العاصمة يمتاز بكثير من الايجابيات حيث الكثافة السكانية والاسواق الكبيرة ولكنهم لم يحسبوا حساب المخاطر حيث فقد معظم أصحاب الاعمال رؤس أموالهم فيما استفاد بعض أصحاب الاعمال الذين فضلو الاستثمار في المدن الولائية مدينة ود مدني وسط السودان، وبورتسودان وكسلا شرقي السودان، ومدينة الضعين شرق دارفور غربي البلاد التي تحولت الى مركز تجاري كبير وبعض المدن في ولاية غرب كردفان المتاخمة للحدود الشمالية لدولة جنوب السودان.