29/10/2023

تأثير الحرب على الأطفال: من يقدم لهم الدعم النفسي؟

ثناء عابدين

مزن الطفلة ذات الخمس سنوات أجبرتها ظروف الحرب للنزوح مع أسرتها لولاية كسلا، والاحتماء بأحد مراكز الإيواء من أزيز الطائرات المقاتلة وصوت الدانات والقنابل.

مزن وجدت الأمان في هذا المركز، ورجعت تمارس حياتها الطبيعية كطفلة بريئة بعد أن عاد الاطمئنان إلى قلبها لأنها تجاوزت أسباب الخوف. ولكنها لا تدري بأن هناك من البشر ممن لا تعرف الحكمة أو العقل طريقا إليهم.

في ذلك اليوم كانت مزن تلعب في فناء المركز (مدرسة) مع أطفال آخرين، وفجأة وبلا مقدمات تعالت أصوات الرصاص الأمر الذي أفزع مزن وجعلها كالمجنونة لا تدري إلى أين تذهب. فشلت كل المحاولات في تهدئتها، وأن هذا الرصاص تعبير عن فرح وعقد قران أحد أعيان المدينة في المسجد، قرب المركز الذي يأوي النازحين من حرب الخرطوم.

وبعد جهد جهيد استطاع بعض الشباب تهدئة الطفلة، مع استمرار ذلك الشخص في إطلاق الرصاص ضاربا عرض الحائط بكل التوسلات والرجاءات بأن هناك أطفال روعهم فعله.

في مكان آخرتبحث أسرة عن علاج لأطفال أصبحت لديهم هواجس ويعانون من التبول الا إرادي بعد الحرب.

هذه المواقف تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بضرورة العلاج النفسي للمتأثرين بالحرب وخاصة الأطفال الذين هم أول ضحاياها.

في علم النفس يقولون إن اضطرابات ما بعد الصدمة هي الأكثر شيوعا عند الأطفال والبالغين على حد سواء، مما يستوجب أن تكون هناك معالجات للأطفال الذين تعرضوا لهذه الصدمات بعد حرب الخامس عشر من أبريل.

يقول دكتور هيثم الخواض، استشاري علم الاجتماع، إن الأطفال في السودان، سيما في المناطق التي شهدت نزاعات، تعرضوا لصدمة غير متوقعة، والحرب كانت عنيفة. وشاهدوا الموت والدمار، وفقدوا الماوى والاستقرار وحاجاتهم الخاصة بهم. فضلا عن ذلك فقدوا مستقبلهم، وتوقف الدراسة جعلهم يواجهون مستقبلا مظلما، لذلك هم يحتاجون لحواضن اجتماعية ثقافية. لكن حتى هذه أصبحت غير ممكنة بسبب دمار المؤسسات العاملة في هذا المجال.

وأكد الخواض على ضرورة الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتاثرين لتجاوز الصدمة. ومضى بالقول حتى خروج الأطفال من مناطق النزاع إلى الأماكن المستقرة لم يكن آمنا، فقد حدثت تحولات في عقلية الطفل الذي شاهد تلك المشاهد والتي ستظل باقية في ذهنيته. ومعالجة كل ذلك يحتاج إلى برنامج نفسي متكامل حتى يعود الطفل إلى حالته الطبيعية.

بعض المنظمات التي تهتم بقضايا الأطفال شرعت في عقد ورش وبرامج تهدف إلى دمج الأطفال في المجتمعات، وتقديم الدعم النفسي لهم من خلال برامج ومشروعات في مراكز الايواء.

التاثير النفسي لم يقتصر على الأطفال في مناطق الصراع لكنه امتد لاولئك الذين انقطعوا عن الدراسة منذ اندلاع الحرب وأصبحوا يواجهون مستقبلا مظلما. هم وأسرهم لا يعرفون ما هو مصيرهم وكيف يتقبلون هذا الوضع. فهم أيضا يحتاجون للدعم النفسي الذي نعتبره من واجب المنظمات الحقوقية والمؤسسات المدنية.

معرض الصور