السودان: جبهة مدنية لإنهاء الحرب، ما عمقها؟

يوسف حمد

بعد ستة أشهر من الاقتتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع انطلاقا من العاصمة الخرطوم، بدأت أخيرا في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وبشكل منفصل عن الطرفين، أعمال (الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي). وهي رؤية سياسية جديدة تحظى بتأييد أحزاب سياسية وازنة تحمل وجهات نظر متشابهة حول السودان والمشكل السياسي السوداني، وتشاركها كذلك نقابات ولجان مقاومة ومنظمات مجتمع مدني وحركات كفاح مسلح. وتجد هذه الجبهة السند في منظمات سياسية إقليمية ودولية، ترى أن استقرار السودان يمثل أولوية بالنسبة لها.

وكان لافتا أن يشارك في أولى مداولات عمل الجبهة رئيس الوزارء، الدكتور عبد الله حمدوك، المنقلب عليه بواسطة الجيش في 25 أكتوبر 2012 وقد ظل صامتا عن المشاركة السياسية العامة منذ ذلك التاريخ. ويترافق مع الإعلان نشاط الجبهة، أيضا، التأهب لاستئناف المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بمدينة جدة السعودية، بعد مماحكات من الطرفين أدت إلى رفعها لمدة شهور. ويتوقع لهذه المفاوضات أن تبدأ لتنتهي إلى وقف دائم للأعمال العسكرية وخلق المسارات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية لملايين المتضررين من الاقتتال.

على مدى الأيام المقبلة، سينشغل المشاركون في أديس أبابا بالتحضير للمؤتمر العام الأول للجبهة، من حيث زمان المؤتمر ومكانه وأجندته النهائية، وكذلك سيناقشون كيفية وإمكانية توسيع التحالف المدني بإشراك الأطراف المنحازة لوقف الحرب ليأخذ التحالف اسمه المستحق: وقف الحرب واستعادة مسار الديمقراطية المنقلب عليها. إلى جانب بلورة رؤية اقتصادية وإنسانية عاجلة للتخفيف من آثار الحرب التي وصلت تداعيتها الإنسانية إلى قياسات غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث.

حتى الآن، يمكن النظر إلى هذا الشكل التحالفي الوليد بأنه الأقرب إلى لعب الدور السياسي في تشكيل الواقع السوداني الجديد لما بعد الحرب، لكن ليس من السابق لأوانه التحذير من بذرة الاختلاف السياسي التي سبقت وصاحبت التمهيد لـ (الاتفاق الإطاري، 5 ديسمبر 2022)، إذ يغيب عن مداولات أديس أبابا الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث الاشتراكي والقوى الأخرى الممثلة في دعاة (التغيير الجذري)، ما يرجح أن تكون الجبهة المدنية العريضة صورة مكبرة قليلا من مزاج وخيال النسخة الأخيرة جدا من (قوى الحرية والتغيير).