اسبوع منبر جدة: لازال التفاوض مستمرا، وكذلك الحرب
عبدالله رزق ابوسيمازه
انقضى اسبوع، منذ بدء وصول وفدي القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، الى جدة، يوم الخميس 26 اكتوبر، لاستئناف العملية التفاوضية، بعد انقطاع قارب الثلاثة اشهر. غير ان التفاوض لم يبدأ رسميا، الا في الاحد 29 اكتوبر، حسب اعلان الوساطة وذلك بعد استكمال المشاورات بشان الترتيبات الاجرائية وفي مقدمتها توافق جميع الاطراف على الاجندة او جدول الاعمال.
وحسب بيان للوساطة الامريكية السعودية التي انضم اليها ممثل للاتحاد الافريقي والايغاد، فان "المحادثات المستأنفة تتضمن مجموعة ضيقة من الأهداف. "تتركز المفاوضات التي تتناول القضايا ذات الطابع السياسي، وفق بيان للخارجية السعودية علي:
- إيصال المساعدات الإنسانية.
- تحقيق وقف إطلاق النار واجراءات بناء الثقة.
- إمكانية التوصل لوقف دائم للاعمال العدائية".
وقالت الوساطة الرباعية، في بيانها بشأن المرحلة التالية من التفاوض والتي تختص بالقضايا ذات الطابع السياسي: "يجب أن يكون المدنيون في السودان هم من يحددون مسار السودان للمضي قدما، ويلعبون الدور الرائد في تحديد عملية معالجة القضايا السياسية واستعادة التحول الديمقراطي في السودان".
غير ان بدء التفاوض الذي يرهص - في كل الاحوال - باقتراب نهاية الحرب، ويحيي الامل في قلوب الملايين من ضحايا الحرب، قد رافقه تصعيد حاد في ولايات دارفور وغرب كردفان مما اشاع حالة من القلق بشان مستقبل التفاوض ومصائره.
ومع ذلك، فانه ليس متوقعا ان يؤثر هذا التصعيد على المفاوضات. فمع استمرار القتال، واستيلاء الدعم السريع على نيالا وزالنجي، وتوقع تواصل هجومه ليشمل الفاشر والجنينة ومواقع البترول في غرب كردفان، فان التفاوض مازال مستمرا على الاقل.
ففي الحديث الذي ادلى به الجنرال شمس الدين كباشي في قاعدة وادي سيدنا، لدى خروجه من حصار القيادة الذي اعلن فيه لاول مرة قبول قيادة الجيش الدعوة لاستئناف التفاوض في جدة في 26 اكتوبر الماضي، تاكيد على عدم التخلي عن القتال. ما يعني تلازم القتال والتفاوض في حزمة واحدة. ومع انه ليس بدعا في تاريخ الحروب ولا المفاوضات الا انه كخطاب ،في هذا السياق، يستهدف طمأنة دعاة الحرب من الاسلاميين داخل الحيش وخارجه، اعتاد البرهان تسويقه.
لكن هذا الخطاب المزدوج، الذي يحمل الشيء ونقيضه، لم يحل دون دعاة الحرب من الاسلاميين من التشكيك في قيادة البرهان، بعد خروجه من القيادة العامة المحاصرة، توطئة لتصميم حملة للمطالبة باقالته او الانقلاب عليه. وتطورت تلك الحملة لتشمل قيادات اخرى من الجيش اثر استيلاء الدعم السريع على نيالا وزالنجي ،مؤخرا.
لكن هذا التصعيد، في المواجهات على مسارح العمليات من شانه ان يحض على سرعة استكمال عملية التفاوض وصولا لاتفاق بوقف اطلاق النار وانهاء العدائيات ايضا. وقد بدا ان خيار التفاوض اصبح مرجحا لدى قيادة الجيش، ومقدما على خيار الحسم العسكري الذي اصبح في حكم المؤجل، والمشروط باستجابة الدعم السريع للسلام ومطلوباته. فقد قال الجنرال عبدالفتاح البرهان خلال حديث له يوم الثلاثاء الماضي، بقاعدة وادي سيدنا: "اذا رفض التمرد السلام، والمضي في طريق الحلول السلمية، فلن يكون هناك حل سوى الحسم العسكري".