``العبثية`` تتخطى شهرها السابع، هل يشهد الثامن نهايتها الحتمية؟
عبدالله رزق ابوسيمازه
على مشارف الشهر الثامن، تتساوى احتمالات وقف الحرب ونقيضها، وفق المعطيات المتاحة. فقد شهد الاسبوعين الماضيينز، استئناف جولة المفاوضات الثانية لمنبر جدة، بين طرفي حرب 15 ابريل، القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، التي انتهت بعد عشرة ايام من المداولات، باتفاق بشأن اجراءات بناء الثقة بين الطرفين، وتسريع وصول المساعدات الانسانية للمتضررين.
غير ان هذا التطور الايجابي الذي افرزته المفاوضات قد لازمه ملازمة الحجل للرجل آخر سلبي، تمثل في تصعيد قتالي غير مسبوق في دارفور الكبرى، نتج عنه استيلاء قوات الدعم السريع على كل من نيالا وزالنجي والجنينة وام كدادة بجانب مقتل واصابة وتشريد عشرات الالاف من المواطنين الى صحارى اللجوء والنزوح.
غير ان اخفاق الميسرين في اقناع طرفي الحرب والتفاوض بضرورة الاتفاق على وقف لاطلاق النار فوري وغير مشروط ، لم يكن مصدر خيبة امل لملايين المواطنين المصطلين بنار الحرب ومقاساة النزوح والتشرد القسري وحسب، وانما كان ايضا في نظر الكثيرين نذيرا بجولة جديدة من الاقتتال العنيف وهو ماحدث بالفعل. كما ان هذا الاخفاق قد اثار الشكوك حول جدوى ما تم الاتفاق عليه في الجولة الاخيرة للتفاوض، وامكانية انفاذ اجراءات بناء الثقة وتسهيل مرور المساعدات الانسانية، في ظل القصف المتبادل والتصعيد والتصعيد المضاد.
وشهدت نهاية شهر الحرب السابع حدثين مهمين من حيث دلالتهما على مجرى التطورات،. اولهما هو تدمير كوبري شمبات الذي يربط بين مدينتي ام درمان والخرطوم بحري، والذي يعتقد على نطاق واسع انه يستغل من قبل قوات الدعم السريع في امداد وحداتها بين المدينتين. وقد اثار الحدث ردود افعال واسعة، غاضبة غالبا، في مختلف الاوساط، فيما قابله فلول نظام البشير المقبور بالتهليل. في ذات الوقت تبادل طرفا الحرب الاتهام بالمسؤولية عن العملية، التي تشكل جريمة ضد الانسانية وفق القانون الانساني العالمي. وعكس الحدث الذي يعبر عن اقصى ما بلغته الحرب من عبثية وافلاس وجنون، تصميما على مواصلة الحرب، باستهداف البنى التحتية .
وفي المقابل تراجعت مخاطر المواجهات المحتملة بين طرفي الحرب في فاشر ابوزكريا، بعد معارك الجنينة وسط مخاوف متصاعدة من الاوساط الدولية من حدوث مآس انسانية جديدة. وبدا ان هذا التراجع يتصل بتفاهمات واسعة بين الاطراف ذات الصلة في الداخل والخارج على علاقة بملف مفاوضات السلام التي يتوقع استئنافها، بعد توقف ايام املته استضافة المملكة للقمة السعودية - الافريقية والقمة العربية الاسلامية.
ومع ذلك لا يخلو المشهد من مؤشرات قد ترهص بان الشهر الثامن قد يشهد نهاية الحرب تتمثل في حراك خارجي سياسي وديبلوماسي مكثف، متعدد الاطراف. ومن ذلك جولات الجنرال عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الخارجية واهمها زيارته لكينيا التي اسفرت عن اتفاق لعقد قمة طارئة لمنظمة ايغاد، في اطار مساعي وقف اطلاق النار، تعنى بتسريع مفاوضات جدة ، الامر الذي يعكس توجها جديدا لقيادة الجيش تجاه وقف الحرب يتسم بشيء من الجدية.