المنتخب السوداني في ليبيا: تحليق الوطن بعيداً عن الوطن
الزين عثمان
مساء اليوم قبل السادسة بتوقيت السودان في ملعب "شهداء بنينا" بمدينة بنغازي الليبيبة سيتم عزف موسيقى السلام الوطني لجمهورية السودان وذلك على شرف المنتخب السوداني لكرة القدم وهو يبدأ انطلاقته في التصفيات المؤهلة لنهائيات كاس العالم 2026.
حرب الخامس عشر من ابريل التي نقلت القصر الجمهوري لبورتسودان، وكذلك فعلت مع التلفزيون القومي وبسببها انتقلت الاذاعة السودانية لمينة عطبرة، واضطرت فريق الهلال للانتقال للمغرب ومن ثم تنزانيا، واضطر المريخ لاتخاذ رواندا وطناً بديلا، ها هي تنقل المنتخب الوطني إلى ليبيا.
أختار الاتحاد العام لكرة القدم ملعب شهداء بنينا بليبيا ليكون مسرح مواجهات السودان في مجموعته التي تضم معه السنغال والكونغو الديمقراطية، توغو موريتانيا وجنوب السودان، وذلك لظروف الحرب بالخرطوم، وهو الملعب الذي سيكون مسرح ترديد "نحن جند الله جند الوطن". سيفتقد نجوم المنتخب اليوم اجواء استادات الخرطوم "الهلال والمريخ"، وبالطبع الاناشيد الوطنية المنبعثة منها مثل "انا سوداني وانا افريقي" وسيفتقدون ايضاً الاف السودانيين الذين يرددون معهم النشيد ساعة عزف موسيقاه.
بعيداً عن الوطن ينطلق منتخب الوطن. وفي زمن الحرب تحاول صقور الجديان التحليق لأجل بلاد مقصوصة الاجنحة بسبب الحرب العبثية. تغييرات كبيرة يشهدها المنتخب السوداني. المدرب الغاني كواسي ابيا على رأس الإدارة الفنية. حلم اضافة اللاعبون المحترفون في اوربا يتحقق بعد طول إنتظار. نجما دوري الدرجة الاولى الانجليزي الاخوان محمد وابوبكر عيسي في قائمة المباراة لكنهم بعيداً عن أمدرمان. تصريحات ابوبكر عيسي التي نقلتها صفحة الاتحاد العام لكرة القدم يمكن اختصارها في عبارة واحدة رددها اللاعب "نحن نحب هذا البلد".
محبة البلد هي التفسير الموضوعي للارتباط ما بين الجماهير ومنتخبهم الوطني لكرة القدم. وعلى الرغم من التراجع في النتائج والغياب عن المحافل الكبرى الا ان مباريات صقور الجديان في العاصمة كانت تشهد تواجداً جماهيرياً كبيراً وتحت شعار "الوطن ان تنسي خيباتهم القديم وتبدأ عشقك من جديد".
اليوم سيجد السودانيون الممنوع عنهم الأمان عاجزين عن متابعة منتخبهم، وعن ان يمضوا بخطواتهم في شارع "العرضة" الامدرماني نحو استاد الهلال وبالطبع كل ذلك بسبب الحرب. في المقابل فأن ثمة سودانيين أخرين مقيمين في الاراضي الليبية سيقومون بواجب دعم المنتخب من داخل الملعب. والتواجد السوداني الكبير في ليبيا هو احد مبررات اختيار ليبيا لتكون ارض منتخب السودان وهو ما دفع بالمدرب الغاني للمنتخب "كواسي ابياه" للتصريح عن ارتياحه لهذا الدعم دون تجاوز تاثيرات الحرب على فريقه بشكل عام.
للمرة الأولي يخوض السودان مباراة وهو معزز بستة من المحترفين في الدوريات الاوروبية لتعزيز حظوظه في الفوز في مواجهة اليوم الخميس. وهي المرة الثانية التي يخوض فيها استحقاق قاري بعيداً عن السودان بعد ان واجه موريتانيا في المغرب بعد اشتعال الحرب لصالح تصفيات التأهل لنهائيات الامم الافريقية في ساحل العاج التي اخفق فيها السودان وهو الاخفاق الذي ينتظر السودانيون تجاوزه عقب عمليات الاحلال والابدال في منتخبهم لكرة القدم.
قبل انطلاق مباراتهم سيردد "صقور الجديان" النشيد "هذه الأرض لنا". الارض التي تبعد عنهم الأن الاف الأميال. الارض التي تهتز تحت ضربات الموت في حرب العبث. الداخل اليها مفقود والخارج من جحيمها مولود. الأرض الوطن حيث البعض تحت مرمي النيران والبعض هارب بعيداً عن النيران وعن منزله وأهله. الارض هناك حيث الناس ينتظرون فرحة في زمن الحرب وانتصاراً في زمن الهزائم. ينتظرون نقاط ثلاث في طريقهم نحو المونديال. ينتظرون هزيمة توغو ولكن قبل ذلك ينتظرون انتصارهم على الحرب. ينتظرون نهاية الموت وعودة منتخبهم للتباري مع خصومه داخل امدرمان ليرددوا مع نجومه "فليعش سوداننا علماً بين الأمم".