``المنتخب`` وهم لا يحزنون
محمد عبد الماجد
كنت أريد أن انتقد الحالة التي استقبل بها المنتخب الوطني. المحترفون الذين ضمّهم الاتحاد السوداني والجهاز الفني أخيراً، والضجّة التي صاحبت ذلك، المواقع والفضائيات والصفحات والقروبات على مواقع التواصل كانت تتابع ذلك بشئٍ من الإثارة والمبالغة. وتنشر المُخاطبات والرجاءات ولحظتي الوصول والمغادرة إلى القاهرة لاستخراج وثائق السفر في القاهرة والعودة بعد ذلك مُبتهجين بالحصول على (المُستند الرسمي)، والانضمام للمنتخب الوطني، واعتماد الفيفا لشرعية هذه الخطوات.
كُنت أنوي أن أكتب عن لايفات وصور وأخبار تُنشر عن انضمامهم للمنتخب. وشرعت في انتقاد هذا السلوك وذلك المظهر، لكن تراجعت عن ذلك، لأنّنا نفعل ذلك مع الأندية ومع المحترفين الأجانب، فمن باب أولى أن نفعله مع المنتخب الوطني ومع أولاد السودان المحترفين بالخارج، ومن أجل الوطن وليس الأندية. غير أنّ القيام بهذه الخطوات مع الأندية لا تمنحها الشرعية ولا تعطيها الجواز لنفعلها مع المنتخب بالصَّخب نفسه، خاصّةً أنّنا نتضرّر من ذلك مع الأندية ومع المنتخب، والعقلانية مع المنتخبات دائماً أعلى مِمّا هي عليه مع الأندية.
كان أجدى أن لو تمّت هذه الخطوات وحدث هذا الانضمام في هدوءٍ أو في السر بدلاً من أن يتركوه للمنابر الإعلامية (تَلِت وتعجن) فيه كما تشاء. لو أنجز الاتحاد السوداني هذا الإنجاز في (السر) كانت ثمراته سوف تكون أعظم، وكنا سوف نجني الفائدة بصورة أسلم.
غير أنّنا على كل حال لا نستطيع أن نُقلِّل من إيجابية هذه الخطوات وهي جُهُودٌ يُشكر عليها اتّحاد الكرة. ولعلّ أعظم إيجابيات هذه الإضافات هو الشعور الوطني القوي الذي صحا عند الجميع، والاهتمام الكبير الذي وجده المنتخب من الشعب السوداني وجماهير الكرة بعد انضمام المحترفين للمنتخب، وقد كان المنتخب السوداني قبل ذلك نسياً منسياً.
الذي نلوم عليه اتّحاد الكرة هو أنّ هذه الخطوات تمّت مؤخراً، وأنّ الانضمام حدث قبل أقل من 48 ساعة من موعد مباراة المنتخب أمام نظيره التوغولي، فكان من الطبيعي أن لا يحدث أثرٌ فنيٌّ ملحوظٌ في تلك المباراة. نتمنى أن نجني الفوائد في المباريات القادمة، ونسأل الله تعالى أن يكون ذلك مُتاحاً من المباراة القادمة للمنتخب وإن كان ذلك يبدو صعباً.
الذي أريد أن انتقد عليه الجهاز الفني للمنتخب هو إشراكه لستة عناصر من المريخ الذي دخل لاعبوه في إجازة منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وإن كان الجهاز الفني للمنتخب يُبرِّر لتلك الخطوة بوجود اللاعبين في معسكر المنتخب منذ أكثر من شهر، خاصّةً أنّ المدير الفني للمنتخب أشرك مُحترفاً انضم للمعسكر قبل 72 ساعة من المباراة، وهذا خطأٌ آخر وقع فيه الجهاز الفني للمنتخب، بقيادة كواسي أبياه، إذ كان أفضل للاعب وللمنتخب ألا يُشارك في المباراة، لتقصر المشاركة على المحليين.
الأمر الذي لم نجد له مُبرّراً أن يشرك الجهاز الفني للمنتخب ثلاثة لاعبين فقط من الهلال، وهو النادي الوحيد الذي يُمارس نشاطه ويُشارك خارجياً. والفريق ظلّ في مُعسكر مُغلقٍ منذ أكثر من أربعة أشهر، خاض فيها الهلال مباريات قوية في تونس والمغرب وإثيوبيا وتنزانيا. لاعبٌ مثل والي الدين خضر بوغبا وهو كان أفضل لاعب في المنتخب، إلى جانب كرشوم والغربال وروفا في نهائيات الأمم الأفريقية، لا نعرف لماذا أُبعد عن المنتخب، الذي ضَمّ محمد الرشيد وآخرين لا يعرفهم أحدٌ.
بوغبا هو صاحب الهدف الوحيد للسودان في نهائيات الأمم الأفريقية الأخيرة، وقد أثاب على هدفه هذا بالإبعاد عن المنتخب.
وغير هذا كانت مشاركة عبد الرؤوف، وياسر مزمل، سوف تكون أجدى وأنفع من مشاركة آخرين لم يكونوا بالجاهزية التّـامّة التي تسمح لهم بالمشاركة. حتى مشاركة محمد المصطفى كحارس مرمى على حساب أبو عشرين أمرٌ غريبٌ. وقد ظل المنتخب يدفع ثمن مشاركة هذا الحارس أهدافاً تُسجّل في مرماه من (القلابات)، حتى لو كان المنتخب يلعب ودياً أمام تشاد.
الهلال الآن الأكثر جاهزيةً وهو قد وصل لاعبوه لمستوى فني وبدني ونفسي جيد. وهم الأفضل في الساحة وأسلم وأفضل للمنتخب أن يشرك ثمانية لاعبين أو سبعة على الأقل من الهلال، خاصّةً أنّ ذلك الأمر كان طبيعياً حتى ونحن في الظروف العادية، فكيف لا يحدث ذلك والهلال هو الفريق الوحيد الذي يمارس نشاطه منذ أكثر من 4 أشهر.
قد يقول قائلٌ إنّ العدد الكبير من المحترفين في الهلال أضعف فرص اللاعب الوطني مع المنتخب إذا كان يلعب للهلال، وهذا أمرٌ غير حقيقي، لأنّ الوطنيين في الهلال في المنافسة مع الأجانب احتفظوا بفرصهم في المشاركة مع الهلال. وهذا الأمر يُؤكِّده والي الدين خضر بوغبا نفسه الذي ظلّ يحتفظ بمكانته في تشكيلة الهلال رغم زحمة الأجانب في وسط الهلال، وقد حدث ذلك في المواسم الثلاثة الماضية ومع أجهزة فنية مختلفة. وكذا الحال بالنسبة للحارس أبو عشرين، والطيب عبد الرازق، وياسر مزمل وحتى روفا الذي يشارك مع الهلال بصورة مستمرة وهو النجم الجماهيري الأول في الهلال.
الأجانب في الهلال رفعوا مستوى اللاعب الوطني بسبب المنافسة، وبسبب الاحتراف الذي غلب على الهلال وأصبح لغته الرسمية. مُشاركة عناصر غير جاهزة مع المنتخب لم يدفع ثمنها المنتخب فقط، بل دفع ثمنها اللاعبون أنفسهم وإصابة رمضان عجب اعتقد أنها كانت، لأن اللاعب بدنياً غير جاهز للمباراة.
من ثَـمّ فإنّ المريخ لعب له أكثر من ثمانية محترفين في آخر موسم ظهر فيه المريخ وخاناتهم خالية الآن وهي محفوظة أو مُجمّدة وسوف تشغل باجانب في أول فرصة. لذلك نسبة الوطنيين في الهلال هي نفس نسبتهم في المريخ، على الأقل العناصر الوطنية في الهلال تُشارك مع الهلال والمريخ توزّعت عناصره بين عطبرة وبورتسودان حتّى بدون تمارين.
مباراة المنتخب القادمة إذا لم يشارك فيها سبعة عناصر على الأقل من الهلال بدايةً من أبو عشرين ونهايةً بياسر مزمل، فلن يُحقِّق المنتخب نتيجة إيجابية، وذلك لأنّ عناصر الهلال الأكثر جاهزيةً وهي في فورمة المباريات وفورمة التنافس الذي فقده لاعبو المريخ حتّى على مُستوى التنافس المحلي. اتّحاد الكرة إذا أراد أن يخدم المنتخب فعلاً، عليه أن يُعجِّل بعودة التنافس المحلي والدوري الممتاز، لأنّ التنافس المحلي أفضل إعداد للمنتخب الوطني. والبلاد تمر بهذه الظروف نحن في حاجة ماسّة لعودة التنافس المحلي. ليس الأندية والمنتخب، واللاعبون وحدهم هم من في حاجة لعودة النشاط الرياضي. الشعب السوداني كله في شَوْقٍ لذلك.
في هذه الحرب وتلك الأجواء، يجب أن يظهر دور الرياضة، ويجب أن تعود المنافسات، خاصّةً أنّ المدارس والجامعات في كثير من الولايات فتحت أبوابها.
…
متاريس
أريد أن أكتب عن سيد عبد الحفيظ مدير الكرة السابق في الأهلي الذي أراد العودة من جديد للأهلي عن طريق الهجوم على صن داونز.. لكن ما لقيت (فَرَقَة). سيد عبد الحفيظ حسب قلة عقله، اعترض على احتفال مدرب صن داونز بانتصار فريقه على الأهلي بهدف دُون رَدٍّ.
وزاد سيد عبد الحفيظ، على ذلك، وقال إنّ الاتحاد الأفريقي صمّم هذه البطولة ونظّمها من أجل أن يفوز بها صن داونز. رغم أنّ صن داونز كاد أن ينسحب من هذه البطولة.
إذا كان عبد الحفيظ يرى أنّ الاتّحاد الأفريقي يُحَارِب الأهلي، ماذا يقول أهل الهلال وهم حُرموا من المشاركة في بطولة شارك فيها فريقٌ خرج من التمهيدي في بطولة الأندية الأفريقية للأبطال؟ البطولة التي وصل فيها الهلال لمرحلة المجموعات للمرة الخامسة على التوالي. والهلال ظَـلّ في المواسم السابقة يُحرم من جماهيره ويلعب دونها وهو يلعب بأم درمان.
سيد عبد الحفيظ تَحَدّث عن مُساندة الحكام والاتّحاد الأفريقي لصن داونز، واعتبر انتصاره على الأهلي بهدف دُون رَدٍّ في جنوب أفريقيا انتصاراً غير مُستحقٍ، علماً بأنّ الأهلي في وجود سيد عبد الحفيظ خسر بالخمسة مرّتين من صن داونز في جنوب أفريقيا.
في وجود سيد عبد الحفيظ، فشل الأهلي على مدى موسمين من الانتصار على صن داونز حتى وهو يلعب في القاهرة، وقد سجّـل الأهلي هدف التعادل في الموسم الماضي بالقاهرة من تسلُّلٍ واضحٍ، وحرم الحكم الإثيوبي صن داونز من ضربة جزاء.
إذا أراد عبد الحفيظ العودة للأهلي من جديد، عليه أن يعرف أنّ عودته لن تكون عن طريق الهجوم على صن داونز. صن داونز هو الفريق الأفضل في القارة الأفريقية. ليس في هذا الموسم وحده، بل من قبل موسمين.
اعترض سيد عبد الحفيظ من إضاعة الزمن من قبل صن داونز في المباراة النهائية، وهذا هو الأسلوب الذي يُحقِّق به الأهلي وأندية شمال أفريقيا البطولات. الموضوع بقى ليكم صعب الآن.. انتم أساتذة في إضاعة الوقت.
سوف نعود ونكتب عن رسائل خاصّة للهلال قبل مواجهة بترو أتلتيكو. تلك المُـواجهة التي يجب أن ينتصر فيها الهلال إذا أراد التأهُّل من مرحلة المجموعات.
أنس محمد أحمد والزملاء في المكتب الإعلامي للهلال محمد دفع الله ومحمد إسماعيل يقومون بعمل كبير ويعكسون كل صغيرة وكبيرة عن الهلال في مُشواره الأفريقي. الراجح، بل الأكيد أنّ الهلال أعاد قيد الغربال، وأنّ مجلس الهلال تعامل مع الأمر على طريقة جوناثان إيفاسو، الذي لم يعلن عنه الهلال حتى الآن. الموضوع منتهي.
عودة الدوري الممتاز في 15 يناير نرجو أن تكون حقيقيّة، وعلى الاتّحاد أن يعلن عن ذلك بصورة رسمية حتى تستعد الأندية وترتب أوضاعها بشكل جيد قبل انطلاق المنافسة. خُرُوج كل أخبار الاتحاد العام عن طريق (التسريبات) أمرٌ غير لائق باتحاد الكرة السوداني الذي أسّس الاتحاد الأفريقي.
المتسق الإعلامي في الهلال أنس محمد أحمد، استطاع أن يضبط التسريبات في الهلال رغم أنّ الهلال فضاء مفتوحٌ وعالمٌ واسعٌ. كذلك نحترم السرية التي يعمل بها العليقي وعبدالمهيمن الأمين. المُحَلِّل الفني للهلال أسعد الطاهر يجب أن لا يُفرِّط فيه الهلال، كما يجب الاستفادة من إمكانياته الكبيرة. مدير الكرة في الهلال عبد الميهين الأمين بعيدٌ عن الإعلام، يقوم بعمل كبير وهو أحد الأسباب الرئيسية لنجاح معسكرات الهلال الخارجيّة.
بالتوفيق للمنتخب وللهلال في الجولات القادمة.