تداعيات حرب أبريل: أكثر من 25 مليون سوداني بحاجة لمساعدات إنسانية
عبدالرحمن العاجب
بعد دخول حرب أبريل المدمرة شهرها الثامن، لازالت الأوضاع في السودان تزداد سوء يوم بعد، ولازالت معاناة المواطنين في كل مناحي الحياة تزداد بوتيرة متسارعة وربما تصل إلى مرحلة الكارثة، وخصوصاً بعد أن قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ (مارتن قريفيث) في بيان له منتصف إكتوبر الماضي إن أكثر من 9 آلاف شخص قتلوا جراء الحرب، كما يحتاج 25 مليون فرد إلى المساعدات، وأضاف قريفيث (المدنيون في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان لم يعرفوا طعم الراحة من إراقة الدماء والإرهاب طوال 6 أشهر).
وبحسب ما أفاد قريفيث فإن خطة الاستجابة الإنسانية تلقت تمويلا بنسبة 33% من إجمالي 2.6 مليار دولار وهو المبلغ المطلوب لتقديم المساعدات، موضحًا إن الفاعلون في المجال الإنساني لم يتمكنوا من توصيل الإغاثة إلى المناطق التي يمكن الوصول إليها بسبب نقص التمويل.
وتأثرت سبعة ولايات تأثير مباشر بالحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل الماضي، وتلك الولايات هي ( الخرطوم، وشمال وغرب كردفان، إضافة ولايات دارفور الأربعة ، شمال وجنوب وغرب ووسط دارفور) فيما تشهد ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق معارك بين الجيش السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز أدم الحلو.
فيما لم تتأثر تسعة ولايات من أصل 18 ولاية سودانية بشكل مباشر من الحرب، وهي ولايات (الجزيرة ونهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا والقضارف والنيل الأبيض وسنار وشرق دارفور) وشهدت هذه الولايات حالات نزوح كبيرة إليها من المناطق المتأثرة بالحرب، وازدادت معاناة المواطنين فيها بسبب ضعف البنيات التحتية وتوقف الإنتاج بسبب الحرب.
وتسببت حرب أبريل المدمرة، والتي دخلت شهرها الثامن في تدمير البنية التحتية بما في ذلك مراكز الرعاية الصحية التي خرج 70% منها من الخدمة في مناطق النزاع التي تشمل الخرطوم ودارفور وكردفان، فيما يكافح النظام الصحي في المناطق الآمنة من أجل استمرار تقديم الخدمات الطبية، رغم النقص الحاد في الأدوية والمعدات والكوادر بالتزامن مع تزايد إصابات الكوليرا والإسهال المائي والملاريا والحميات.
وفي نهاية إكتوبر الماضي قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن التوقعات تشير لإصابة نحو 3.1 مليون سوداني بالإسهال المائي والكوليرا، فيما قالت وزارة الصحة السودانية إن عدد الحالات التي يشتبه في إصابتها بالكوليرا بلغ 1.618 حالة بينها 67 وفاة، في 22 محلية تقع في أربع ولايات هي الخرطوم والقضارف والجزيرة وجنوب كردفان، وأكد المكتب الأممي، في تحديث عن الوضع الإنساني إن التقديرات تُشير إلى أن أكثر من 3.1 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في ثمانٍ ولايات، في الفترة من يوليو إلى نهاية هذا العام.
وطالبت وزارة الصحة السودانية في وقت سابق بدعم فني من منظمة الصحة العالمية، من المجموعة الدولية للأدوية 2.521.785 جرعة من لقاحات الكوليرا الموية، وتحدث المكتب عن تقديم وزارة الصحة السودانية طلب ثاني إلى المجموعة، لمنحها 700 ألف جرعة من لقاح الكوليرا، لتنفيذ حملة في محلية مدني الكبرى بولاية الجزيرة التي تأوي ملايين الفارين من القتال، فيما وافقت المجموعة الدولية للأدوية على منح وزارة الصحة السودانية 1.576.448 جرعة من لقاحات الكوليرا الفموية، بغرض تنفيذ حملة تستهدف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن سنة واحدة في 6 محليات من ولاية القضارف.
وكشفت وزارة الصحة السودانية نهاية إكتوبر الماضي عن تفشي الكوليرا وحمى الضنك في 10 ولايات، ما يضاعف الضغط على النظام الطبي الذي أوشك على الانهيار، وتحدثت وزارة الصحة، في تقرير الرصد الوبائي وقتها عن إصابة 1.059 شخص بالإسهال المائي الحاد/ الكوليرا في ولايات القضارف والخرطوم والجزيرة وجنوب كردفان، بينهم 73 حالة وفاة، وأشارت إلى أن حالات الاشتباه بالإسهال المائي الحاد/ الكوليرا، في هذه الولايات الأربعة، بلغت 2.077 حالة.
ورصدت وزارة الصحة السودانية تفشي حمى الضنك في 9 ولايات، حيث أُصيب 3.316 شخص بالوباء، فيما بلغت حالات الاشتباه 4.088 حالة، وشملت الولايات التي تنتشر فيها حمى الضنك القضارف وشمال دارفور وكسلا وجنوب وشمال وغرب كردفان، إضافة إلى الجزيرة والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وتوقعت الأمم المتحدة إصابة 3.1 مليون بالإسهال المائي والكوليرا في 8 من أصل 18 ولاية سودانية، خلال الفترة من يوليو إلى نهاية هذا العام، فيما ظل البعض يتخوف أن تنتشر أوبئة الحميات والكوليرا وحمى الضنك في مراكز النزوح المؤقت، نسبة لاكتظاظها بملايين الفارين من الحرب في مساحات ضيقة.
وفي مطلع نوفمبر الجاري طالبت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) أطراف النزاع والعالم على الالتفات لمحنة ملايين الأطفال والأسر السودانية، ودعت (يونيسيف) إلى مضاعفة الالتزام من جانب المجتمع الدولي وجميع أطراف النزاع لمعالجة محنة الملايين من الأطفال والأسر الذين يعيشون في كابوس لا هوادة فيه يوماً بعد يوم، وكشفت عن تلقيها ادعاءات بوقوع أكثر من 3.100 انتهاك جسيم، بما في ذلك قتل وتشويه الأطفال، مبدية قلقها حيال ارتفاع انتهاكات حقوق الأطفال في ظل اشتداد القتال خلال الأسابيع الأخيرة، مع انتشار تقارير عن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
وتشير الإحصائيات إن الحرب تسببت في فرار 5.9 مليون سوداني من منازلهم، بينهم ثلاث ملايين طفل معظمهم نزح داخل البلاد فيما لجأ مئات الآلاف إلى مخيمات مؤقتة مترامية الأطراف في الدول المجاورة، ونوهت المنظمة الأممية الى أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر من العنف، حيث يحتاج 14 مليون طفل إلى المساعدة المنقذة للحياة، في وقت يعيش العديد منهم حالة من الخوف الدائم من التعرض للقتل أو الإصابة أو الاستخدام من الجهات المسلحة.
وقطعت اليونيسيف بأنه (لن يتمكن أي طفل في السودان من العودة إلى المدرسة، فأصبح مستقبل جيل كامل على المحك الآن، حيث هناك 19 مليون طفل غير قادرين على العودة للفصول الدراسية ما يجعلها واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في العالم) وقالت اليونيسيف إن التهديد الذي يُواجه الأطفال هو الأمراض الفتاكة من قبيل الكوليرا وحمى الضنك والحصبة والملاريا، وهي أمراض آخذة في الارتفاع مع اتساع نطاق تفشيها، فيما يفتقر 7.4 مليون طفل سوداني، نصفهم تقل أعمارهم عن خمس سنوات، إلى مياه الشرب الآمنة ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكوليرا والإسهال.