الآمال معلقة على منبر جدة لوقف الحرب
تقرير: مشاعر إدريس
بعد مرور ثمانية أشهر على الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وتوصل الطرفين إلى أن الحل العسكري لن يكون سهلا أو قريبا، تعلقت آمال السودانيين بمنبر جدة للتفاوض باعتباره المنقذ الأساسي لاستقرار البلاد وإيقاف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي وعودة الحياة الى طبيعتها. رغم هذه الآمال لكن هناك تحديات تواجه المنبر منها سعي أنصار النظام البائد والحركة الإسلامية لاستمرار الحرب.
بدأ منبر جدة التفاوضي بوساطة من السعودية وأمريكا في أوائل مايو الماضي لكن الجيش علق التفاوض وسحب وفده بعد أقل من شهر اعتراضا على عدم خروج الدعم السريع من الأحياء السكنية والأعيان المدنية وفقا لما أقرته المفاوضات.
ووافق الجيش السوداني على دعوة السعودية والولايات المتحدة الأميريكية في 25 أكتوبر الماضي لاستئناف التفاوض مع قوات الدعم السريع بجدة لإنهاء الحرب.
قال محمد صالح، من ولاية الخرطوم، إن معاناة المواطنين طيلة 8 شهور تسببت في تعليق الآمال وأي بارقة أمل لإيقاف الحرب، خاصة عبر التفاوض المطروح في منبر جدة. وأضاف: اغلب المواطنين أيقنوا تماما، بمن فيهم طرفي الحرب، أن لا وجود لإمكانية إنهاء الحرب عبر العمليات العسكرية والأيام أثبتت أنها غير واردة .
واشار إلى أن احتمال إيقاف الحرب عبر التفاوض أصبح امل لدي الناس، وأن موقف الجيش هو الأضعف من خلال سير العمليات العسكرية على أرض الواقع وتابع التقدم على الأرض واضح للدعم السريع.
وقال: واضح ان أنصار الحسم العسكري وصلوا لقناعة بأن الجيش أصبح غير قادر على تحقيق نصر عسكري.
وأوضح أن ذلك يفسر تارجع نبرة الدعوة لاستمرار الحرب واختفاء كثير من الأصوات التي تحولت إلى لوم على فشل قيادة الجيش في إدارة العمليات العسكرية بدلا عن التحريض لاستمرار الحرب.
وزاد: لكل ذلك أصبح المواطنين المتأثرون بالحرب يعولون على منبر جدة ومحاولات الدولية والاقليمية لإيقافها عبر التفاوض.
من جهته، اعتبر حافظ احمد، من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، أن السودانيين علقوا آمالهم على منبر جدة في التوصل لاتفاق بين الجيش وقوات الدعم السريع، خاصة أنه المنبر الوحيد الذي اتخذ خطوات عملية، فالمبادرات الأخرى لم تتجاوز مرحلة إعلانها، ومن خلاله تم الاتفاق على عدد من هدن لم تحقق أغراضها حينها لعدم جدية الأطراف والوساطة نفسها.
وقال احمد: لكن السودانيين، بعد مضي نحو ثمانية اشهر من الحرب، أدركوا أنهم ضحية هذه الحرب العبثية حيث قتل ذويهم وهجروا من منازلهم التي دمر اغلبها ونهبت ممتلكاتهم. والكثير منهم كانوامن أنصار استمرار الحرب وينظرون لمآلاتها من منظار المنتصر وتبعات الانتصار والهزيمة. فقد تابعوا وعايشوا القتل والدمار والتشريد والاعتقال والاختفاء القسري، إن كانوا في المناطق المتأثرة بالحرب أو حتى نازحين في الولايات أو فارين الى دول الجوار.
واضاف: ما ينتظره هؤلاء من آمال - وهم العامة، توصل لقناعة ان الشعارات التي يرفعها كل طرف (جيش ومناصريه) و (دعم واتباعه) لا يعبر عن حقيقة أهدافهم الخفية، بالتالي توصلوا لقناعة أن إيقاف الحرب بات هو الهدف الأسمى في ظل تكشف خيوط المؤامرة التي قد تقود إلى تفتيت السودان.
وأشار إلى حالة القلق التي يعيشها العامة من السودانيين، وأن الكل بات يريد سلاما يعيده إلى منزله ويجمع شتات الأسر التي تفرقت ليمارسوا حياتهم الطبيعية، ويحافظ على وحدة البلد.
أما بشأن انخفاض صوت "قارعي طبول الحرب" في السوشال ميديا، فهو نتيجة فشل مخططهم الهادف للعودة إلى السلطة على جماجم الشعب، مستغلين بندقية القوات المسلحة التي يسيطر عليها اتباعهم، وكذلك لانكشاف أمرهم لكل صاحب بصيرة وبصر بأنهم من أوقد نار هذه الحرب بعد ظهورهم علنا في ميدان القتال.
فيما اعتبر المواطن بولاية غرب دارفور، احمد عبد الله، استمرار الحرب وتطاول عمرها أدى لتسرب الإحباط في نفوس المواطنين ما جعلهم يعلقون آمالهم على أي منبر يؤدي إلى إيقاف الحرب.
وقال إن المواطنين من داعمي طرفي الحرب والأبرياء منهم، أصابهم السأم والملل من الضغوط الاقتصادية والكوارث الصحية التي يواجهونها باستمرار الحرب، فالكل يبحث عن هدنة أو اتفاق يخمد نار الحرب .
وأضاف أن الوضع في السودان لا يحتمل مزيد من التصعيد لأن كل الاشخاص داعمي طرفي الحرب اكتشفوا أنها لا تحسم بالسلاح، وتابع: إن الحديث عن الحرب ليس كمعايشة الحرب.
الى ذلك قال الصحفي حسام حيدر إن منبر جدة ينظر إليه الكثير من السودانيين بأمل كبير، خصوصا مع تواتر الأنباء والأخبار عن قطع شوط كبير في بناء الثقة بين طرفي الحرب.
وأقر بوجود تحديات عديدة تواجه المنبر، خصوصا الطرف الثالث الموجود والمستفيد من الحرب وهو النظام البائد والمؤتمر الوطني المحلول، الحركة الاسلامية. وشدد على ضرورة تعزيز خطوات بناء الثقة بين طرفي الحرب.
وتابع: رغم أن منبر جدة مستمر، لكن الاشتباكات المسلحة والتحرك على الأرض لقوات الدعم السريع مستمر، وأيضا استمرار استخدام القوات المسلحة الطيران.
وأشار إلى الجهود المبذولة من القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" ومخاطبتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن للمطالبة والابقاء على بعثة يونتامس باعتبار الظروف الحالية في البلاد وفترة ما بعد الحرب تتطلب دعم إقليمي ودولي لتحقيق السلام ودعم عملية الانتقال السياسي .
وأفاد: في كل الأحوال ينظر الناس للمنبر بتفاؤل لكن تواجهه تحديات تتعلق بتعزيز الثقة بين الطرفين ومسألة الإسلاميين الذين يتحكمون في الحرب ويتحركون لاستمرارها من أجل مصالحهم.
واشتعلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل المنصرم، واتسعت دائرتها لتشمل عدة مناطق بإقليمي دارفور وكردفان.
