خطاب الحرب.. صعود وهبوط
تقرير: مشاعر ادريس
جميع المؤشرات، تدل على أن خطاب الحرب، في حالة تصاعد خطير، هذا التصاعد لا ينفصل بواقع الحال عن حقيقة توسع دوائر الحرب نفسها وتطاول أمدها. لذلك يسعى أطرافها لتأجيج الصراع عبر الترويج المستمر للخطاب المؤيد للحرب والداعم لأطرافها، في محاولة لاستمالة الحركة الجماهيرية وتجييش الرأي العام لصالح كل طرف، بينما تغيب فيه المعلومات الفعلية من الميدان خاصة أن الظرف لا يتيح لأجهزة الإعلام المهنية إمكانية القيام بدورها في نقل الحقائق.
وجه عضو مجلس السيادة السوداني ياسر العطا، الثلاثاء، انتقادات لاذعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، اتهمها بتوفير الإمداد العسكري لقوات الدعم السريع التي تقود حربا ضد الجيش السوداني منذ أكثر من سبعة أشهر.
ويعتبر تصريح ياسر العطا، الذي يتولى منصب مساعد القائد العام للجيش السوداني، أول تصريح رسمي من مسؤول حكومي بشأن الدور الذي تلعبه الإمارات حيال الحرب التي يشهدها السودان.
وقال الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي، طلال نادر، إن جماعات قد نشطت في صفوف الطرفين المتحاربين في الترويج لخطابات الكراهية والتطرف العنيف والترسيخ لمبدأ العنف وتبادل الاتهامات، والدعوة لتجييش الحركة الجماهيرية بجانب محاولة ترجيح كفة التفاوض والمواقف الجيوسياسية من حرب السودان المستمرة.
وأضاف بأن الحقائق تؤكد على أن خطاب الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي يكتسب خطورة أكبر لأنه لا يعترف بمراكز التأثير الإعلامي التقليدية، مثل المنصات الرسمية للقوتين ومنصات المؤسسات الإعلامية، بالتالي فهو يعتمد على بيئة تسمح بانتشار المحتوى الذي يمثل مراكز قوى مختلفة داخل المجموعات المتحاربة نفسها، ودائرة مؤيدي كل منهما.
وأفاد طلال بأن الأمر بلغ مرحلة نقل بعض المشاهد المأساوية للمعارك بواسطة افراد القوتين انفسهم، بينما ينشغل بعض قادة القوات بطرح تصورات سياسية تعزز حالة الاحتراب وتزيد من تعقيد المشهد.
ومضي قائلا "تتزايد حدة خطاب الحرب على منصات التواصل الاجتماعي، التي أضحت احد أهم ساحات الاقتتال اليومي لأنها توفر ساحة للتأثير والتضليل عبر تكتيكات احترافية تدير فرق شبكات من طرفي الحرب وبعضا من مؤيديهم وتعمل على توجيه وتضليل الإعلام وخبراء يعملون في الخفاء لترجيح كفّة على الآخرى".
وتابع "ازداد الأمر تعقيدا بحكم طبيعة هذا الفضاء الإعلامي المفتوح نفسه، التي أتاحت للأفراد من الفريقين أن يديروا حروبهم دون قيود أو شروط وأن يروجوا للمحتوى الكاذب والمضلل".
واشار إلى نشاط مراصد إعلامية سودانية ودولية، منذ وقت مبكر في صراع السوادن، في الكشف بشكل يومي ودائم عن حجم المحتوى المضلل والكاذب المتداول حول الحرب السودانية على الانترنت. وأوضح أن تحقيقاتها اثبتت وجود آلاف المنصات المتخصصة والموجهة التي تعمل لدعم طرفي الحرب في التروجيج لهذا الخطاب.
وقال طلال "في مقابل ذلك، أتاح فضاء التواصل الاجتماعي المفتوح، للشعب السوداني الذي تضرر مباشرة من الحرب أن يُعلي صوته ويقول كلمته، وبرز دور كبير ل"اعلام المواطن" في تشكيل خطاب مضاد لخطاب الحرب ومؤيد للسلام وان يلعب الناس دورا محوريا، في كشف الأكاذيب ونقل الحقائق والتوثيق للانتهاكات التي تطال المدنيين وكشف حجم الضرر الواقع على الأرض.
واعتبر أن هذه الجهود لا تبرز بقدر كافي وسط تيارات التضليل التي تعمل بإمكانات غير محدودة وتستخدم تقنيات متقدمة لتُعبر عن مصالح أقلية متحكمة في النزاع الحالي ولتُسكت أصوات الأغلبية المهمشة.
في سياق متصل، يرى الخبير في ملف السلام، د. عباس التجاني، أن هناك ظروف موضوعية ساهمت في هذا التصعيد. وأن صعود خطاب الحرب زاد من الاستقطاب السياسي الحاد بعد وأثناء فترة الاتفاق الإطاري، وأن حالة التقسيم على مستوى السودان المبني على إتفاقية سلام جوبا بالمسارات المتعددة الوسط، الشمال، الشرق، دارفور والنيل الأزرق خلقت خطابات مختلفة ومتباينة ذات علاقة بخطاب السلام، لكن في نهاية تعبر عن خطابات ومواقف سياسية.
واضاف "تعدد الخطابات ساهم بشكل كبير في ارتفاع الخطاب الداعي للحرب والدعاية السياسية لطرفي النزاع". وتابع "إن الحرب أثرت على تشكيل الرأي العام في السودان، بالإضافة إلى كل المؤسسات الموجودة خاصة أنها مركزية. وهذا هو السبب في عدم وجود وسيط آخر لطرفي النزاع يوصل خطاباتهم السياسية ومواقفهم خارج مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا منصة (الفيس بوك) التي تعتبر أهم المنصات التي ساهمت بشكل كبير في تأجيج النزاع في البلاد وأوجه الدعاية السياسية لطرفي الحرب.
وأشار إلى أن هذا الخطاب في المدي البعيد قد يكون مدمراً، وقال إن بعض المجموعات السودانية بدأت في البحث عن منصات أخرى لتوصيل خطاباتها، من خلال تطبيقات برسائل محمية على النقاشات الحادة في كلاب هاوس، أو واتساب.
وتابع لا استطيع القول بأن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دور سلبي، لكن الاستخدام في الدعاية السياسية كان كبير بسبب غياب المؤسسات الصحفية التقليدية بسبب الحرب الدائرة في الخرطوم.
إلى ذلك قال أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، رابح سليمان، إن السوشيال ميديا في السودان ساهمت بشكل أساسي في الحرب السودانية .
وأضاف أن الحرب الحالية في البلاد تديرها بشكل كبير ومؤثر (مواقع التواصل الاجتماعي)، ولكن الآن بعد مرور 8 أشهر من الحرب أصبح خطاب الحرب في حالة من الهبوط، ولعل هذا يقودنا لسؤال مهم، من الذي يقود الإعلام أو (من الذي يوجه السوشيال ميديا) ويحدد لها أن تقول كذا أو ترك كذا؟. وتابع "بعد أن كانت أخبار الحرب تملأ السوشيال ميديا، لماذا اختفت ؟ هل توقفت الحرب؟"
وقال ياسر العطا لدى مخاطبته حشدا عسكريا في قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، إن معلومات تردهم من قبل جهاز المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية والدبلوماسية الخارجية تقول بأن دولة الإمارات نقلت عبر الطائرات دعما عسكريا للجنجويد عبر مطار عنتيبي في يوغندا وأفريقيا الوسطى قبل بدء تفكيك جماعة فاغنر الروسية علاوة على مطار أم جرس في تشاد.
وأشار إلى أن الطائرات الإماراتية كانت تهبط في مطار أم جرس بمعرفة نافذين في الحكومة التشادية. وتابع “نحن نحترم الشعب التشادي وهو شعب شقيق تربطنا معه أواصر دم ودين ولغة لكن في داخله بعض العملاء المرتزقة والخونة للشعوب الأفريقية وهم عملاء الاستعمار الحديث.
