ما يعنيه إنهاء تفويض يونيتامس في السودان
يوسف حمد
اليوم الأحد، انتهت مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، وهي البعثة المعروفة اختصارا بـ (يونيتامس). انتهت المهمة بقرار من مجلس الأمن الدولي صوتت عليه 14 دولة من الدول الأعضاء. وبذلك سيدخل السودان في مرحلة جديدة من مراحل العلاقات في السياسة الدولية.
في الواقع، لم تنجز بعثة (يونيتامس) مهمة دعم الانتقال التي جاءت من أجلها، إنما تفاقمت الأوضاع بين يديها وانتهت إلى حرب عبثية واسعة النطاق، لكن قبل الحرب سعت حكومة انقلاب 25 أكتوبر بقيادة عبد الفتاح البرهان إلى قرار وجود البعثة منذ انقلابها على حكومة الدكتور عبد الله حمدوك الانتقالية.
فإلى جانب العمل الديلبوماسي والدعاية التحريضية النشطة في وسائل الإعلام، حشدت حكومة الانقلاب إلى شوارع الخرطوم وإلى مقر البعثة، ولعدة مرات، حشودها المنددة بعمل البعثة، بمزاعم صيانة السيادة الوطنية، وربما كان آخرها محفلا صغيرا مصورا أعلن فيه أحد المتحمسين للانقلاب استعداده لقتل رئيس البعثة، الألماني فولكر بريتس، متى ما أذنت له السلطات بذلك.
وفي آخر مطاف السعي المحموم، تقدمت حكومة الانقلاب بطلب إلى مجلس الأمن لإنهاء وجود البعثة على الأرض السودانية، مستندة إلى "انعدام الجدوى من استمرارها؛ لأن مهمتها كانت مرتبطة بالفترة الانتقالية".
سياسيا، صممت بعثة (يونيتامس) لدعم الانتقال الذي أعقب إسقاط دكتاتورية عمر البشير ونظام الإخوان المسلمين، ووصلت إلى السودان بطلب من الحكومة الانتقالية التي كان يرأسها حمدوك، وأطاح بها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وحليفه يومها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، في أكتوبر 2021.
وعملت البعثة لعدة شهور، قبل وبعد الانقلاب، إلى أن شاركت في "عملية سياسية تنهي الانقلاب وتستعيد المسار المدني الديمقراطي"، وبلورت مع شركاء آخرين (الاتفاق السياسي الإطاري)؛ فقامت الحرب وحالت دون إكماله.
َوفي الواقع كانت حكومة الانقلاب منزعجة غاية الإنزعاج من وجود البعثة، نظرا للتقارير التي كانت تقدمها بخصوص الانتهاكات الجسيمة التي كانت تمارسها بحق المدنيين والثوار السلميين المناهضين للانقلاب، إلى جانب أن المزاج السياسي الذي يقود حكومة الانقلاب هو نفسه مزاج نظام الإنقاذ (١٩٨٩-٢٠١٩) المعادي لوجود المنظمات الدولية.
انتهت مهمة البعثة على الأرض على أن يتولى الدبلوماسي الجزائري، رمطان لعمامرة، مهمة أخرى شبيهة، بوصفه مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة، وهنا لا يبدو أن السعادة ستزور قادة الانقلاب والحرس القديم من جماعة الإخوان المسلمين الكارهين لعمل البعثة، إذ سيواصل لعمامرة مراقبة الأوضاع والإشراف على مهام البعثة التي توزعت على وكالات الأمم المتحدة، من ثم كتابة التقارير الدورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وفي تحليل ما أكثر خطورة ربما كان البديل لبعثة يونيتامس هو الدخول إلى البند السابع من نظام الأمم المتحدة، الذي يسمح بالتدخل عبر قوات أممية لحماية المدنيين، خصوصا في ظل الحرب المندلعة على نطاق واسع منذ أبريل الماضي.