فتح المدارس وكشف المستور
يوسف سراج
قرار فتح المدارس بولاية نهر النيل دون سائر ولايات السودان، أثار جدلا واسعا منذ إعلانه وبعد دخوله حيز التنفيذ. ولأن العبرة بالنتائج كما يقولون، فقد ظهرت العيوب بعد أن أبدت أسر لتلاميذ استيائهم إزاء التعجل في استئناف الدراسة وسط ظروف معقدة وبيئة غير ملائمة للتحصيل الاكاديمي، مع شح وإنعدام المعينات الضرورية لتسير العملية التعليمية.
المآخذ على الخطوة استندت إلى النقص البائن في الكتب والمعلمين، إضافة إلى عدم وجود فصول تستوعب طلاب الصف الثالث المتوسط، بعد إقرار العودة إلى السلم التعليمي القديم (الثلاث مراحل)، وتظهر جوانب القرار غير المدروس في عدم انتباه أو عدم اكتراث داعمي القرار لهذه الفئة من الطلاب حيث لم يتم تجهيز المناهج والمقررات الخاصة بالمستوى التعليمي الذي بلغوه إستعدادا للتأهل الى المرحلة الثانوية. هذا بعيدا عن النقص النوعي في معلمي المواد الأساسية مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية وبعض المواد الأخرى.
قضية المستحقات المالية للمعلمين أيضا لم تحل بصورة جذرية ما يؤثر على أداء المعلمين واستقرارهم في ظل الظروف الراهنة، أيضا لا تزال بعض المدارس في مدن مثل عطبرة تستخدم دورا لإيواء للنازحين من جحيم الحرب في العاصمة الخرطوم، والذي تفشل الولاية في تقديم البدائل والعون الضروري لهم.
المعطيات المبذولة تشير بوضوح، إلى أن قرار فتح المدارس في ولاية نهر النيل بصورة استثنائية، ينطوي على جانب سياسي أكثر من كونه أمرا واقعيا. ومنطقيا لن يتأتى النجاح والاستقرار والتحصيل دون حل جذري وشامل للأزمة التعليمية الكلية والتي تظل أحد أكبر الخسائر التي تكبدتها البلاد بسبب هذه الحرب العبثية، ولن يستقيم منطقا ايجاد حلول بمعزل عن التوصل إلى إنتهاء الأزمة بإيقاف الحرب ومن ثم الدخول إلى مرحلة جديدة ومختلفة عنوانها. إعادة البناء والتعمير وتعويض ما بددته حرب الخامس عشر من أبريل.