قحت... كالمستجير من أزمة الانقلاب وتداعياته الكارثية بالمكون الانقلابي
عبدالله رزق ابو سيمازه
نفت قوى الحرية والتغيير، في بيان لها، صحة خبر، نقله موقع صحيفة "اليوم التالي"، وصفته بالكاذب، "فحواه أن قيادات من الحرية والتغيير، تواصلت مع قائد القوات المسلحة، طالبةً منحها الحصانة للعودة للسودان، ومقابلته". وفي حين شدد التصريح الصحفي، الذي أصدرته بهذا الخصوص، على نفي طلب "الحصانة"، إلا أنه تجاهل الإشارة لطلب "المقابلة" لطرح "مقترح خارطة طريق لإنهاء الحرب”، حسب ما نقل عن السيادي، ولم ينفه ولم يؤكده.
ومع ذلك، فقد ثبت التصريح، بطريقة غير مباشرة، واقعة الطلب الثاني، حيث كشف بأن لجنة الاتصال والعلاقات الخارجية، بقوى الحرية والتغيير، قد بعثت "برسالتين لكلٍّ من القائد العام للقوات المسلحة وقائد قوات الدعم السريع، وذلك استمراراً لتواصلها، الذي لم ينقطع مع الطرفين، بهدف التعجيل بوقف إطلاق النار لمعالجة الكارثة الإنسانية، وفتح المجال لمخاطبة جماعية لقضايا بلادنا عبر مسار سياسي سلمي."
فمنذ ان نقلت مركز نشاطها إلى الخارج، أحدثت قوى الحرية والتغيير قطيعة مع الداخل، مع الشارع السياسي بكل مكوناته وتقاليده النضالية، وأصبح لزاما عليها، بالمقابل، أن تعتمد كليا على العمل الديبلوماسي والسياسي الفوقي، وما يرتبط بذلك من نزوع للمساومة والتسوية، كما يتبدى من محصلة نشاطاتها، منذ أن غادرت قياداتها البلاد، ورهنت نفسها للاقدار الإقليمية والدولية. وهي بذلك تعيد تجربة التجمع الوطني الديموقراطي، وانزلاقه في "رمال السياسة الدولية المتحركة ".
قد يبدو متسقا، مقدمة ونتيجة، في ظل هذا الاختيار المبدئي، أن تتطلع مركزية قوى الحرية والتغيير، للقاء الجنرال البرهان، كذروة في نشاطها الهادف لاستعادة "المسار الانتقالي الديموقراطي بقيادة مدنية"، وذلك بعد ورود أنباء عن لقاء تم بين د.عبدالله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية، تقدم، التي تشكل قوى الحرية والتغيير جزء منها، مع نائب البرهان، الجنرال شمس كباشي، في الإمارات، التي وصلها الأسبوع الماضي، في زيارة غير معلنة. وقد سبق اللقاء، الذي تم في العين، مقابلة تلفونية مطولة بين الاثنين، كما جاء في الانباء. لم يتم الكشف لا عن محتوى المكالمة الهاتفية، ولا عما دار في اللقاء المباشر بينهما.
غير أن هذا التوجه للتواصل مع المكون الانقلابي، بحجة التغلب على الانقلاب وتداعياته، لايخلو من ارتداد على نهج ثورة ديسمبر، ومن تجاهل للمعطيات التي أفرزها انقلاب 25 أكتوبر 2021، وما انتجه من واقع سياسي جديد.
فتوجه مركزية الحرية والتغيير، لطلب لقاء البرهان للتفاكر بشان "فتح المجال لمخاطبة جماعية لقضايا بلادنا عبر مسار سياسي سلمي." يعمل على تكريس المكون الانقلابي طرفا في العملية السياسية، قيد التشكل، لتفكيك أزمة الانقلاب وذروة تداعياتها في أزمة 15 ابريل، ويجعل من أفق العملية السياسية، المشار إليها، هو استعادة الشراكة بين المكونين، المدني والعسكري، واستدامة نهج الردة. وهو الخط الذي ظلت تشتغل عليه الرباعية الدولية، (الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية)، منذ بداية الأزمة، وأورثته للثلاثية، بقيادة بعثة الأمم المتحدة بالسودان، مقابل خط ملتزم بنهج ثورة ديسمبر، مرتبط بنبض الشعب، يرفض العودة لأوضاع ما قبل 25 اكتوبر، ويشدد على مساءلة الانقلاب وتصفيته.