السودان.. جهود سياسية مهمة للحل لكن ينتظرها الكثير
يوسف حمد
تواصل تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية المعروفة إعلاميا بـ (تقدم) نشاطها السياسي لإيقاف الحرب الدائرة في السودان "واستعادة المسار الديمقراطي"، وبعد عدة مداولات، استبقت المؤتمر العام الذي تخطط لعقده في غضون أسابيع، وأعلنت عن "خارطة طريق للحل السياسي" لتترافق مع اتفاق لوقف إطلاق النار متوقع إبرامه بين طرفي الحرب، الجيش وقوات الدعم السريع.
وماهو واضح منذ البداية هو أن الحل السياسي وخارطة الطريق التي أعلنت عنها (تقدم)، وهي سكرتارية لأحدث تحالف سياسي في البلاد، تعول، أولا، على نجاح المفاوضات المنعقدة في مدينة جدة السعودية بين الطرفين. وقد رأينا ذلك في الزياراتِ الديبلوماسية التي قامت بها (قوى الحرية والتغيير) إلى دول الجوار السوداني ومحيطه الإقليمي والدولي، إلى جانب لقاءات أخرى مع ممثلي الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي ومنظمة (الإيقاد) لشرح هذا الأمر وإمكانية حدوثه.
ونصت خارطة الطريق صراحة على إعلان مبادئ ينهي الحرب ويؤسس للحكم المدني الديمقراطي عبر الحلول السياسية التفاوضية بين (القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوى المدنية والسياسية)، عدا المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهات جماعة الإخوان المسلمين، وأقرت أيضا "صياغة دستور انتقالي متوافق عليه وتشكيل مؤسسات سلطة مدنية انتقالية ومؤسسات عسكرية خاضعة لها".
هذا المسار السياسي المقترح من (تقدم) عادة ما يفسر في بعض جوانبه على أنه "مشروع تسوية سياسية" مع قادة الجيش وقيادة قوات الدعم السريع، وهو مسار يواجه بالرفض على نطاق واسع من قوى سياسية معتبرة لها وجودها على الأرض، ولن يجد السند السياسي اللازم لإنفاذه، نظرا لحمولة الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها المتحاربان منذ انقلابهما في 25 أكتوبر 2021 وحتى الآن، وقد يعني هذا المسار، إذا تم اعتماده، إبطاء عودة الجيش إلى الثكنات وإهدار العدالة المرجوة. وفوق كل ذلك، مكافأة قادة الجيش وقوات الدعم السريع على تقويض النظام الدستوري بانقلاب ٢٥ أكتوبر، وقتل المتظاهرين السلميين المناهضين للانقلاب (أكثر من 150 شابا وشابة) وإشعال الحرب الماثلة التي صاحبتها بشاعة تعد من ضمن أسوأ الجرائم ضد الإنسانية، ثم إبقائهم شركاء سياسيين وبلا عقاب.