التزامات البرهان وملاحظات الخارجية السودانية صراع أم تكتيك
الأصمعي باشري
منذ بداية حرب 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اصطدمت كل محاولات المجتمع الدولي والإقليمي لإيجاد حل تفاوضي ينهي مأساة السودانيين، بازدواجية المواقف بين قيادة الجيش ووزارة الخارجية السودانية.
بعد تعليق منبر جدة دون التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية كمرحلة أولى، قبل الدخول في إجراء عملية سياسية تنهي الحرب وتستعيد التحول المدني الديمقراطي، انتقلت الأزمة السودانية إلى منير جيبوتي وفقا لآلية موسعة شملت الإيقاد والاتحاد الإفريقي والأوربي والولايات المتحدة والجامعة العربية، والتي اصدرت وثيقتها الأساسية أمس الأول بموافقة الطرفين بحسب ما جاء في الوثيقة.
لم تمر أكثر من ثلاث ساعات على اصدار وثيقة جيبوتي حتى أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا مطولا، قالت فيه: أن وفد السودان أبدى عدة ملاحظات على مسودة البيان الختامي لقمة إيغاد بجيبوتي أمس، شملت اشتراط البرهان لعقد لقاء مع قائد التمرد بإقرار وقف دائم لإطلاق النار وخروج قوات التمرد من العاصمة وتجميعها خارجها. كما طالبت بحذف الإشارة إلى عقد رؤساء الإيغاد مشاورات مع وفد مليشيا الدعم السريع وهذا يجافي الحقيقية، إذ أن البرهان لم يشارك ولم يسمع بالمشاورات، كما طالبت أيضا بحذف الفقرة التي تشير لمكالمة هاتفية بين رؤساء إيغاد وقائد التمرد؛ إذ أن هذه المكالمة تمت بين الرئيس الكيني وقائد التمرد وبعد انتهاء القمة.
وكعادته، فإن البرهان لا يصمد علي موقف واحد، فالرجل يلعب علي كل الحبال، بسبب مواقفه هنا وهناك، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة عمر المأساة بعدم وقف الحرب، والمناورة مرة أخرى في انتظار الهروب الثالث صوب منبر دول الجوار بقيادة حليف الجيش وهو النظام المصري.
ولا يخفى على أحد تفاهمات البرهان نفسه منذ العام ٢٠١٩ مع نظام الإسلاميين، وذلك لخداع قوي الثورة وقد فصلنا عن ذلك كثيرا؛ ويعمل علي إنه حريص علي الوطن، في الوقت الذي يحاول فيه التهرب من مسؤولية تمكين الدعم السريع وعدم جديته في تسليم السلطة للحكومة المدنية. فالرجل من طينة القادة الذين شكلهم نظام الاسلامين، كرجال دولة من الجنرالات وزعماء الادارات الأهلية، والتكنوقراط عديمي المعرفة والأخلاق، بسببهم بات السودان في حالة فراغ سياسي وفوضي وحرب قضت علي كل صغيرة وكبيرة.
"إسلاميو السودان" ليسوا بجماعة يمكن أن يعيشوا حياة طبيعية، كمواطنين، وهم أيضا فاشلون في إدارة حتى مجتمعاتهم الصغيرة، فاشلون كرجال دولة، ورجال سلام، ورجال حرب.
هؤلاء جماعة خلقها الله ليمتحن بها جلد السودان، وصبر أهله. بارعون في حبك خيوط الفتن، ومبدعون في نصب المؤامرات، لا انتماء لهم للدين ويبيعون ويشترون عملته، ولا للوطن يسخرون موارده وانسانه النهب والقتل والدمار.