أم الثورات السودانية بكامل عنفوانها تدخل عامها الخامس

عبدالله رزق أبوسيمازه
متزامنة مع اكمال حرب 15 ابريل شهرها الثامن، تكمل ثورة ديسمبر العظمى عامها الرابع، كأكبر حراك ثوري جماهيري منذ المهدية، لتبدأ عامها الخامس، دون أن تتخلى، لا عن العنفوان ولا عن التصميم المستمد من قوة وصلابة الجماهير الثورية، صاحبة المصلحة في الانتصار الناجز للثورة. طوال السنوات الخمسة الماضية، التي لم تكن غير سلسلة متصلة من المواجهات مع نظام الانقاذ، ومشتقاته، ممثلة في قوى الردة، بجناحيها المدني والعسكري، ظل الشعب السوداني في حالة ثورة، يعبيء الشارع، على نحو يومي، تقريبا، بالتظاهرات المليونية والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، بما في ذلك الاعتصام الأكبر في تاريخ الاعتصامات السلمية (6 أبريل - 3 يونيو 2019)، وصولا إلى فجر الحرية والعدالة والسلام يترجم الثورة إلى طريقة حياة في مواجهة القمع اليومي والكبت والاستلاب. وهي حالة فريدة من حيث امتدادها في الزمان، واتساعها الجغرافي وزخمها الشعبي، وما رافقها من غالي التضحيات: المئات من الشهداء والجرحى والمفقودين.

* بدأت الثورة سلمية، رغم عنف السلطة، واستمرت سلمية. وبالسلمية نفسها تستنهض، الآن، كامل قواها لمحاصرة الحرب العبثية ووقفها.

* انطلقت الثورة من الأقاليم. من مايرنو والدمازين وعطبرة وغيرها، ثم انتقلت إلى العاصمة الخرطوم.

* استطاعت الثورة اجتذاب جمهور غفير، في العاصمة والولايات، وتثويره، والزج به في دائرة الفعل النضالي. وكان للشباب وللنساء دور ملحوظ في الثورة، اكسبها سمات بالغة الأهمية.

* تمكنت الثورة، وفي سياق فعلها الكفاحي، من ابتداع أطرها التنظيمية وآليات تنسيق حراكها في الزمان والمكان، ومن ثم استدامتها، على مستوى السودان وطوال السنوات الماضية. وشكلت لجان المقاومة، أهم وليد للثورة على مستوى الأحياء، بجانب تحالف قوى الحرية والتغيير، طليعة الثورة.

*مع تطاول أمد الصراع بين قوى الثورة من جهة، وقوى نظام البشير المقبور، ومشتقاتها، من الجهة الأخرى، تبلورت أكثر فأكثر، أهداف الثورة وتحددت بدقة شعاراتها للمرحلة الراهنة من تطورها، التي سارت تحتها المواكب المليونية، على طول البلاد وعرضها.

* بالتصميم، قاومت جماهير الثورة مخططات قوى الردة، بدء من انقلابي 11 و 12 إبريل 2019، حتى انقلاب 25 أكتوبر 2021، والذي استهدف تكملة الانقلاب الأول، انقلاب لجنة البشير الأمنية، بقطع الطريق أمام انتصار الثورة وجماهيرها، وإعادة قوى النظام المباد للسلطة ثانية. وقد كشفت قوى الردة، عن وجهها، وهي تشعل حرب 15 إبريل، التي تدخل الآن شهرها التاسع، كمرحلة متقدمة من تآمرها على ثورة الشعب، ومحاولتها العودة للتسلط على البلاد مجددا.

* بالعنفوان، بقيت الثورة صامدة تقاوم محاولات اطفاء شعلتها، بدء بمجزرة فض اعتصام القيادة في 3 يونيو 2019، عار القيادة، وانتهاء بالمنازلات الجسورة، خلال التصدي لانقلاب 25 أكتوبر الدموي، وما رافقه من مجازر، حيث عبرت جماهير الثورة عن استعدادها غير المحدود للتضحية من أجل انتصار الثورة.

تكمن أهم مآثر السنوات الماضية في ما اكتسبته الجماهير من خبرات كبيرة، تمكنها من الاستمرار في النضال في ثبات، حتى بلوغ أهدافها. وفي تنامي الوعي الثوري في صفوفها، بحيث لم يعد ممكنا حجب أفق التغيير الذي تتطلع له قوى الثورة، شمولا وعمقا.