القيادات الاهلية في ميدان مناهضة الحرب سلميا
عبدالله رزق ابوسيمازه
في ظل غياب كامل الدولة واجهزتها المعنية بحماية المواطنين والدفاع عنهم وعن مصالحهم، بجانب انسحاب القوى السياسية والمدنية بفعل الحرب الجارية منذ اكثر من ثمانية اشهر، التي شغلت المساحات التي كانت تنشط فيها سلميا، تحركت الادارات الاهلية والقيادات الدينية لملء الفراغ الناشيء عن ذلك الانسحاب، بالمبادرة لحماية مجتمعاتها في مواجهة خطر تمدد الحرب. وهو دور ظلت تلعبه تلك الكيانات التقليدية على مختلف العهود انطلاقا من حيادها السياسي، في التعاطي مع السلطة القائمة، ايا كانت، لتحقيق تلك الاهداف.
ومع ان مبادرة سكان الهلالية، شمالي الجزيرة، ومبادرة اهالي رفاعة، التي تلتها، للتوافق مع قوات الدعم السريع التي دخلت المنطقة، بما يؤمن سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم، ويؤمن بقاءهم في بيوتهم، وممارستهم لحياتهم الطبيعية، قد وجدت ترحيبا واهتماما واسعا، واتبعتها مجتمعات اخرى، في ظروف مماثلة، الا انها ليست الاولى من نوعها.
فقد سبقتها مبادرة مماثلة، تمخضت عن اتفاق بين اهالي الرهد ابودكنة، بولاية شمال كردفان، مع قوات الدعم السريع حوالي منتصف يونيو الماضي، استهدف على نحو استراتيجي، حسب بيان بهذا الخصوص "عودة الأمن للمدينة وأريافها، وعودة الحياة فيها لطبيعتها".
وشهدت نيالا مطلع الشهر نفسه "تجمع ثمانين قبيلة، اقر مبادرة لمنع انزلاق المنطقة في الحرب، تزامنا مع مبادرتين مماثلتين في الفاشر والجنينة"، وفق ما جاء في الهدف في 3 يونيو 2023، الا ان تلك المبادرات قد انهارت بسبب اندلاع الحرب.
وفي هذا الاطار دعت قيادة السجادة القادرية بطيبة الشيخ عبدالباقي، في بيان، مواطني مدني لعدم الخروج من ديارهم، والتعايش مع الوضع الناجم من سيطرة قوات الدعم على ولاية الجزيرة وعاصمتها مدني. ووعدت بالتنسيق لفتح مسارات آمنة للمرضى والاسواق وتأمين المستشفيات.
تنبثق هذه المبادرات من روح الدعوة لوقف الحرب، ومنع تمددها وتوسيع نطاقها، وتحولها لحرب اهلية شاملة، بمقتضى حماية المدنيين. كما تتسق مع الموقف الوطني العام، الراكز في مبدأ السلمية في مناهضة الحرب، والتصدي للانقلاب. ومع الاعراف والتراث الاهلي في حفظ الامن وفض النزاعات، وتعزيز التعايش السلمي، وذلك على قاعدة رفض الحرب، مبدئيا، والامتناع عن الانحياز لاي طرف من اطرافها، ورفض التصعيد والتصعيد المضاد، وتوسيع رقعة الموت والدمار.
وقد عبر عن ذلك بيان اهالي القولد بالولاية الشمالية، برفض "دعوات المقاومة الشعبية والتعبئة العامة التي اطلقها عناصر النظام البائد، من فلول الحركة الاسلامية، وبعض واجهات الحزب الشيوعي، ما يطلق عليه تنظيم الصحفيين الاشتراكيين". وجاء في البيان ان "دعوة ابناء الولاية لحمل السلاح خارج المنظومة الامنية والعسكرية بحجة الدفاع عن النفس، والزج بهم في حرب عبثية، لن يؤدي الا الى "انهيار الدولة السودانية وتهتك النسيج الاجتماعي".