16/01/2024

قمة كمبالا: مناورة البرهان بين محطة ``نعم``ومحطة ``لا``!

عبدالله رزق ابوسيمازه

مع دخول الحرب اللعينة شهرها العاشر، مقتربة من الحول، يبدو ان احدث التطورات في ساحتها، هو بروز المقاومة الشعبية التي لم تختبر بعد، اثر انسحاب قوة الجيش من عاصمة ولاية الجزيرة، مدني.

غير ان تبلور المقاومة الشعبية، كذروة للاستنفار، وتأطير وتقنين دور الاسلاميين وحلفائهم، من فلول النظام المقبور، في الحرب، لغرض استدامتها، وتوسيع نطاقها الى مستوى حرب اهلية لم يرتبط بتحول استراتيجي في وضع الجيش من الدفاع الى الهجوم.

فبينما يستمر الجيش في الدفاع عن مواقعه، فان المقاومة الشعبية، وفق ماهو مطروح، هي تنظيم المواطنين للدفاع عن انفسهم وعن ممتلكاتهم،عند دخول قوات الدعم السريع لمناطقهم، بتفعيل المواجهة بدلا من تفاديها عبر تفاهمات معها كما حدث في الرهد والهلالية ورفاعة وغيرها.

هذا التطور، الذي يتنامى ويتصاعد من ولايات محدودة في الشمال والشرق، بمباركة قيادة الجيش، يثير التساؤل حول قدرته على احداث تغيير ملموس في مجرى الحرب او في موازين القوى على الارض، بما قد يعزز فرص الحسم العسكري للمعركة. وفي غياب اي يقين ملموس من هذا القبيل، يبدو انه لا خيار امام البرهان غير التفاوض لانهاء الحرب. وقد يكون اجتماع كمبالا هو الفرصة الاخيرة للحل السلمي. وربما يكون مناسبا الانتظار حتى صباح الخميس 18 يناير الجاري، لتبيان حقيقة موقف البرهان من المشاركة في قمة ايغاد، التي تستضيفها العاصمة اليوغندية في ذلك اليوم.

اذ تبدو الخلاصات التي انتهت من قراءة بيان مجلس السيادة الانتقالي، الى رفضه الدعوة الموجهة اليه من رئاسة المنظمة، متعجلة. فالبيان المكرس للرد رسميا، على الدعوة، قد تفادى بوضوح الاجابة بشكل مباشر وصريح، بالقبول او الرفض، واختار بدلا من ذلك، تغيير الموضوع بالتعريض بقصور الايغاد، في تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي، والتقليل من اهمية عقد قمة كمبالا، قبل تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي، وصولا للتلميح برفض المبادرات الخارجية، باعتبار ان المشكلة داخلية وتعالج داخليا، من قبل السودانيبن وحدهم، تاركا للجميع حرية تخمين الموقف النهائي، واكبر هامش مناورة ممكن للبرهان بين محطة نعم ومحطة لا.

ويتناقض هذا الرد السلبي في ظاهره، الذي جرى تفسيره على نطاق واسع، بانه رفض للمشاركة في قمة كمبالا، مع الموقف الذي اعلنت عنه الخارجية في نفس وقت صدور البيان، وخلال لقاء مع المبعوث الاممي، بتاكيد التزام حكومة الامر الواقع بمنبر جدة. ولكنه يتسق اجمالا مع "سياسة وجود خطابين متناقضين"، واحد للخارج، واخر للداخل. ويمكن للقراءة المتانية للبيان ان تلمس ما يشبه المزايدة في الحرص على لقاء الجنرالين، اذ تكمن المفارقة، في ان الموقف السلبي، الذي يستشف من البيان الرئاسي الذي يعبر عن الاحتجاج على الفشل في تنفيذ مخرجات قمة جيبوتي، بتنظيم لقاء الجنرالين، يجعل من تنفيذ تلك المخرجات، اي اللقاء، والذي ستتيحه قمة كمبالا، شرطا لعقد القمة.

معرض الصور