خطاب الكراهية وأثره، وآليات مناهضته في السودان
حسن إسحق
حسب اللجنة الاوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، يطرح خطاب الكراهية مخاطر جسيمة علي تماسك المجتمع وحماية حقوق الانسان، وسيادة القانون، لذا ينبغي ان تهدف مكافحة خطاب الكراهية الي حماية الافراد ومجموع الاشخاص بدلا من معتقدات او ايدولوجيات او اديان معينة، لا ينبغي استخدام القيود المفروضة علي خطاب الكراهية لاسكات الاقليات، وقمع انتقاد السياسات الرسمية او المعارضة السياسية او المعتقدات الدينية.
يتفق المهتمون والمتابعون ان محاربة هذه الظاهرة يجب يتكاتف الجميع حولها، من مؤسسة الدولة الي المجتمع المدني، والادارات الاهلية، اضافة، الاعلام له دور ايجابي في صناعة راي عام ضد خطاب الكراهية ومحاربتها حتي تصل الي مرحلة، يقتنع الجميع، لا فائدة من الترويج لهذا الخطاب الضار والقمئ.
بينما يعرف موقع ’’Challenge the hate speech ‘‘ ان التعريف المبسط لمصطلح خطاب الكراهية هو اي تعبير عن الكراهية التمييزية تجاه الاشخاص علي اساس جانب معين من هويتهم، ويمكن لـ”خطاب الكراهية” أن يشكّل خطرًا بوجه خاص حين يسعى إلى تحريض الناس على العنف تجاه مجموعات مهمشة، إنما، حتى في أشكاله الأقل حدّة، مثل حالات الشتم المتكرر أو الافتراء أو الصور النمطية المؤذية التي قد تنشئ بيئات مشحونة بالحقد وتؤدي الى حصول تداعيات سلبية، و”خطاب الكراهية” قد يشعر من يعاني منه بأن كرامته مهانة باستمرار، وهذا قد يلحق نوعًا من الأذى النفسي به، ويساهم في تعزيز نطاق تهميش الفريق المستهدف اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، لذا يجب الاعتراف بخطورته بكل انواعه، والعمل علي تأمين الحماية الكافية لحقوق الانسان يتطلب التصدي للكراهية بكل اشكالها.
تأجيج الصراع
في ذات السياق، يري البعض ان خطاب الكراهية يؤجج الصراع، يقود فعلا الي تآكل العدالة، في ذات الوقت، يؤدي الخطاب إلى تفاقم التوترات، وتقويض الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة والمساءلة، نتيجته تسميم العقول والتحريض علي العنف، ما يحدث الان في السودان له عواقب بعيدة المدي مدمرة وجروح عميقة في نسيج المجتمع السوداني، وهذا يشكل تهديدا خطيرا للعدالة، والمساءلة في البلاد، ما يمكن لمرتكبي أعمال العنف، وانتهاكات حقوق الإنسان من الافلات من العقاب.
في ظل انتشار هذا الخطاب المدمر في حالة مثل السودان، غالبا ما يتم اسكات ضحايا خطاب الكراهية او تهديدهم، اما يمنعهم من التماس العدالة عبر القنوت القانونية المتعارف عليها، مثل هذا الوضع، يهئ لثقافة الخوف وعدم الثقة، ويستبعد بطريقة ممنهجة لتعزيز فرص المصالحة والشفاء الاجتماعي، مناهضو خطاب الكراهية يرفضون تقسيم المجتمعات علي اسس عرقية ودينية وسياسية، وان التحريض علي العنف وتعزيز الكراهية يؤدي الانتقام، والانتقام المضاد، وتجريد مجموعات كاملة من الناس من الانسانية، ما حدث من مجازر في ولاية غرب دارفور ابرز دليل علي خطاب الكراهية.
إن خطاب الكراهية منتشر، ومتجذر بعمق باستخدام وسائل الإعلام التقليدية، ومنصات التواصل الاجتماعي، والشبكات غير الرسمية، أصبح متاحًا لجمهور أوسع وأصبح أمرًا طبيعيًا في الخطاب العام، ومن الصعب جدًا معالجته ومواجهته، لمكافحة خطاب الكراهية في السودان، تجريم خطاب الكراهية، وتعريف خطاب الكراهية، وتنظيم وسائل الإعلام، ورفع مستوى الوعي حول مخاطر خطاب الكراهية، ويجب أن يتمكن ضحايا جرائم الكراهية من الوصول إلى العدالة.
خطاب الكراهية في السودان
يري الناشط السياسي في منظمات المجتمع المدني ادريس عبدالله هارون ان هناك انواع عديدة لخطاب الكراهية في السودان، ان خطاب الكراهية السياسي يهدف الي شيطنة المعارضين من اجل تمرير العنف، اضافة الي خطاب الكراهية الديني القائم علي المعتقدات المختلفة، ويعمل خطاب الكراهية علي التحيز العرقي لتشجيع التهميش والتمييز، في هذا الشأن، يجب ان تعمل كل الاطراف في اجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني، والادارات الاهلية للحد من انتشار هذا الخطاب عبر كل الوسائل القانونية المتاحة، والعمل الجاد علي تجريمه بالدستور عبر سن قوانين تعاقب المتورطين.
يطالب ادريس جميع السودانيين بالعمل سويا في هذا المجال، لان البلاد تمر بمرحلة حرجة تحتاج للعقول التي تدرك خطورة هذا المنحي الخطير الذي يبث من خلال هذا الخطاب المدمر، والاتجاه الي دعم ثقافة السلام، وقبول الاخر، والتسامح والتعبير عن الاراء المختلفة والمتعددة، والتوضيح الهام للسودانيين ان الكراهية شرها في تفتيت الوطن وتمزيقه.
ظاهرة تنخر الجسد السوداني
حسب ما اشار اليه موقع صحيفة الصيحة، في رصدها لندوة خطاب الكراهية، بعنوان ’’ظاهرة تنخر في جسد المجتمع السوداني‘‘، في يناير 2023، حينها اعترف الاستاذ الجامعي والمحلل السياسي راشد التجاني، ان الخطاب اتنشر بصورة كبيرة في كل الجوانب من الحياة السياسية والعلاقات الاجتماعية، أن وسائل التواصل أسهمت في انتشار خطاب الكراهية وسط المجتمع، مطالبا بضرورة إيجاد حلول لهذة الظاهرة لآثارها السلبية الكبيرة على المجتمع، بجانب أنها تؤدي إلى تفكك، وهدم النسيج الاجتماعي، من خلال اندلاع الحروب، والنزاعات، وتطرق الي اهمية معالجة القضية عبر التكثيف الاعلامي للتوعية بخطورة هذا الخطاب، والتصدي يتطلب سن تشريعات وقوانين صارمة ورادعة بقدر حجم الظاهرة.
توعية الجمهور باهمية احترام التعددية
في الختام، يجب الاطراف السودانية والاقليمية والدولية، حسب ورقة اللجنة الاوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب في ورقتها مكافحة خطاب الكراهية، يجب توعية الجمهور الواسع باهمية احترام التعددية، وبالمخاطر التي يشكلها خطاب الكراهية، مع ابراز الطبيعة الزائفة لاسسه، وطابعه غير المقبول من خلال اتخاذ الاجراءات، يجب العمل علي مكافحة المعلومات التضليلية، والصور النمطية السلبية والوصم، والعمل علي اعداد برامج تثقيفية خاصة بالاطفال، والشباب والموظفين، وعامة الناس.
وتشجيع الاستجابة السريعة للتوصيات العامة تجاه خطاب الكراهية، ليس من اجل ادانتها فحسب، بل كذلك من اجل التثبيت بتوطيد القيم التي يهددها خطاب الكراهية، وتعزيز ،وتسهيل الابلاغ عن حالات استخدام خطاب الكراهية من قبل الاشخاص المستهدفين والشهود.
المصدر: slma.net