كيف يسعنا مواجهة الكراهية؟
"خطاب الكراهية" خطاب مؤذٍ وغير صائب، لذا علينا مواجهته بالمزيد من الخطاب.
السبب الجذري وراء الكراهية هو غالبًا الجهل وقلة الفهم. لذا نحن بحاجة إلى تدابير عديدة كتعليم أفضل ومساحات للنقاش المفتوح والمتين فضلاً عن إعلام يتسم بالتنوع والتعددية ويعطي تمثيلاً أفضل لجميع التيارات في المجتمع ولاسيما هؤلاء الذين يتعرضون للتهميش عادة. علينا أن نقوم بتوعية الناس حتى نجعلهم يدركون كيف يمكن للسياسيين استخدام الكراهية لتقسيم المجتمع ومن ثمة علينا تعزيز القدرة على التحمل والاعتراض على هذا الأساليب.
إن منع النقاشات ضمن فرض الرقابة على “خطاب الكراهية” لا يعالج الأسباب الكامنة وراء الكراهية والتمييز. فمن الصعب تغيير مشاعر وآراء من هم عرضة لرسائل الكراهية، كما يصعب أيضًا حماية الأشخاص المستهدفين بهذا الخطاب.
صحيح أنه يمكن الحد من أخطر أشكال خطاب الكراهية، إلا أن ذلك لا يكفي. فعلى الحكومات أن تقدم استجابات أكثر شمولاً وابتكارًا لضمان أنه بإمكاننا جميعًا العيش معًا إحياءً للتنوع والاختلاف. نحن بحاجة إلى حكومات شفافة تخضع للمساءلة فضلاً عن إعلام حرّ ومستقل حتى نتمكن بكل حزم من مواجهة محاولات تحويل المجموعات المهمشة إلى كبش فداء من خلال نشر معلومات مضللة بشأنها.
ماذا يسعنا فعله إذًا؟
نحن كأفراد أو مجموعات يمكننا فعل الكثير لمواجهة الكراهية وبناء مجتمع أفضل.
إذا اطلعنا على المعلومات في هذا المجال ونظمنا عملنا، يمكننا استخدام حقوقنا في حرية التعبير لتعزيز المساواة بين الجميع والتصدي للكراهية والتمييز.
بناء خطاب مضاد للكراهية
تنطوي حرية التعبير على بناء المعرفة من خلال تبادل الأفكار والآراء. فإنشاء مساحة للنقاش المفتوح والتحاور يسمح لنا بتكوين فهم لبعضنا البعض وإدراك قيمة الأمور المشتركة التي تجمعنا وتلك التي تميزنا وتجعلنا مختلفين عن بعضنا البعض.
وفي الوقت نفسه، يستخدم البعض حقه في حرية التعبير للترويج لمعلومات خاطئة حول مجموعة ما ولإثارة عدم الثقة وسوء التفاهم، وذلك من شأنه أن يؤدي إلى التمييز والعنف. وقد يحصد هذا الخطاب للأسف شعبية كبيرة. فهو يقدم عادة تفسيرات وحلول بسيطة لمشاكل معقدة؛ أي يمنح الناس هدفًا سهلاً لإلقاء اللوم عليه والشعور بالخوف منه. كذلك يمكن لهذا الخطاب أن يمنح شعورًا بالأمان والتضامن داخل مجموعة مهيمنة حيث يتم تعزيز مشاعر البغض والأحقية المشتركة.
من غير المرجح أن يؤدي الاعتماد على القانون الجنائي والعقاب كاستجابة أساسية لخطاب الكراهية إلى المواجهة الفعالة للأسباب الكامنة وراء هذا الخطاب. فهل يمكن لعقوبة السجن أو الغرامة المالية أن تدفع الناس إلى تغيير رأيهم؟ ما من دليل يذكر على ذلك بل يمكن له أن يأتي أيضًا بنتائج عكسية. ما من دليل يذكر أيضًا على أن هذه الإجراءات تحسن من أوضاع أولئك الذين تستهدفهم الكراهية.
من ناحية أخرى، تتطلب المبادرات لإقامة تواصل بين مجموعات مختلفة وتبادل التجارب بينها وقتًا أطول واستثمارًا أكبر، ولكن من شأنها استبدال الريبة بالفهم والثقة.
إن المجتمعات الشاملة للجميع والمرحبة بالنقاش تمتلك على الأرجح قدرة أكبر على مقاومة خطاب الكراهية بالمقارنة مع المجتمعات التي تفرض فيها الحكومة رقابة عالية على الخطاب العام.
ارفع صوتك في مواجهة الكراهية
ارفع صوتك وارفض “خطاب الكراهية” كلما شاهدته وشجع الآخرين على القيام بالمثل. ينبغي أن يمارس الضغط على السياسيين البارزين وغيرهم من الشخصيات العامة للوقوف بدورهم في وجه الكراهية ومعارضتها. ومن يتوانى عن القيام بذلك، ينبغي أن يكون محط انتقاد.
تنتشر الكراهية على نحو أكبر وأسهل حيث لا تتم معارضتها. فرفع الصوت تصديًا لها يشكل سبيلاً مهمًا كي تثبت أنك ترفض الكراهية والتمييز وكي تظهر أيضًا تضامنك مع أولئك الذين تستهدفهم الكراهية وقد يكونون في موقع لا يسمح لهم برفع الصوت. قد تشكل مواجهة الكراهية طريقة إيجابية لإتاحة المجال أمام ضحايا التمييز للتعبير وإيصال صوتهم.
اصغٍ واستفهم وشارك بشكل بنّاء
أن تقول للذين يشاركون في خطاب الكراهية أو ينشرونه إنهم على خطأ أو إنهم جاهلون قد يتسبب بردود فعل دفاعية ولا يتيح أي فرصة لتغيير آراء الأشخاص. وقد يدفع ذلك أيضًا الأشخاص إلى التشبث أكثر برأيهم وزيادة إصرارهم على الترويج للكراهية.
إن تجنب الإساءة لدى مواجهة الكراهية لأمر استراتيجي. فكّر في طرح أسئلة تتناول سبب اعتناق الفرد لآراء معينة وإذا كان من الممكن التطرق إلى أحكامه المسبقة وأفكاره النمطية من خلال الحوار والتعرض لأفكار ومصادر معلومات جديدة. قد تكون هذه التجربة محبطة ومرهقة وقد تتطلب الصبر والمثابرة، ولكن يمكن للبديل عنها أن يؤدي إلى مزيد من الأذى.
تلقف المعلومات بطريقة نقدية
تعرّف على طريقة عمل “خطاب الكراهية”؛ من يشارك فيه وما الغرض منه؟ من أين يحصل هؤلاء على معلوماتهم وهل هي موثوقة؟
يعدّ تلقف المعلومات بطريقة نقدية مهارة أساسية لمواجهة خطاب الكراهية. كلما تمكنت من البحث والتشكيك في مصدر المعلومات المطروحة ودقة ما يقال والتحيزات التي قد تكمن وراء عرضها، تعرفت بفعالية أكبر على الخطاب التمييزي وسلطت الضوء عليه.
من المهم أيضًا الحصول على المعلومات من مصادر متنوعة، أولاً للتأكد من أنك مطلع في ما فيه الكفاية لخوض أي نقاش وأيضًا لفهم كيفية حصول الآخرين في المجتمع على المعلومات وإذا ما كان ذلك يفسر الأحكام المسبقة والتحيزات التي يتبنونها. هل يعلمون أن وسيلة الإعلام الوحيدة التي يستمعون لها تابعة للحكومة وأن الصحافيين الانتقاديين العاملين هناك تعرضوا للصرف؟ هل يعلمون أن أحد المعلقين فيها لديه ارتباط بمجموعات من اليمين المتطرف؟
كن أحد المدافعين عن حقوق الإنسان
ادعُ حكومتك إلى نص قوانين وسياسات أفضل لمواجهة الكراهية وتوفير الحماية التامة لحقوق الإنسان في المساواة وحرية التعبير.
قم بإنشاء أو دعم مجموعات من المجتمع المدني لاسيما على المستوى المحلي لسد الثغرات بين المجتمعات المحلية وتعزيز المساواة ومواجهة التمييز.
تواصل مع الناس على الانترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشارك في تظاهرات تنادي بالمساواة.
شجع قادتك الدينيين والسياسيين والمحليين على اتخاذ موقف ضد الكراهية وانتقادها أينما حلّت والمشاركة في نشاطات لمخاطبة عدم تقبل الآخر وتعزيز التفاهم المتبادل.
نادي بقطاع إعلامي مستقل عن الحكومة يتسم بالتعددية والتنوع في وجهات النظر التي يعرضها والأشخاص الذين يمنحهم منصة للتعبير. لا بد للتشكيك في سبب غياب أصوات الأقليات والمنتقدين عن المنصات الإعلامية من أن يدفعك للتفكير في كيفية معالجة هذا الأمر.
وسيساهم ذلك في مواجهة جذور الكراهية وبناء أسس لمجتمع قوي يثمن التنوع والاختلاف.
توخى الحذر ولا تفقد الأمل
في بعض الدول، يكون الحيز المتاح للمجتمع المدني محدودًا للغاية والتعبير مراقبًا بشدة إلى درجة أن الدفاع علنًا عن حماية حقوق الانسان قد يعرضك للخطر. يمكن للمجموعات المناهضة للمساواة وحقوق الإنسان أن تكون عنيفة ومخيفة. وقد تشكل مناصرة العدالة الاجتماعية مهمة شاقة من دون أي نتيجة. لذا فإن توخي الحذر هو أساس الاستمرارية.
من المهم البقاء في أمان. عليك أن توازن بين أثر أعمالك (كالانخراط في مظاهرة ما) وأمنك الذاتي بالإضافة إلى أمن الآخرين من حولك. ومن الضروري جدًا الحرص على امتلاك شبكة دعم يمكنك للجوء إليها في أوقات الشدة. إن كنت مكلفًا بالعمل التنظيمي، فأنت تحتاج إلى خطط لحماية أمنك الرقمي والجسدي بما يشمل تنبيه الآخرين في حال ساءت الأمور حتى تتمكن من الحصول على المساعدة التي تحتاجها لمتابعة عملك بأمان.
راجع دليل المادة 19 حول كيفية حماية نفسك في المظاهرات.
ما الذي ينبغي على حكوماتنا فعله؟
إن الحكومات مسؤولة عن بناء بيئات ملائمة حيث يمكن للجميع الازدهار وحيث تكون حقوقنا محمية.
ثمة الكثير من التدابير الإيجابية التي يمكن بل ينبغي على الحكومات اتخاذها لتعزيز المساواة وعدم التمييز وحماية حرية التعبير. علينا أن نفهم ما هي هذه التدابير حتى نتمكن من دعوة حكوماتنا إلى تنفيذها.
1. بناء بيئة مؤاتية لحرية التعبير:
إلغاء القوانين أو إصلاحها
وضع حد لإفلات المعتدين على الأصوات النقدية والمستقلة من العقاب
ضمان الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومات
حماية الحق في حرية التعبير على الانترنت
2. ضمان الحماية المطلقة للحق في المساواة وعدم التمييز:
إلغاء جميع القوانين والسياسات
سن تشريعات لمكافحة التمييز أو تعزيزها
ضمان اعتراف أطر القانون الجنائي على الجرائم المرتكبة بدافع التحيز والمعاقبة عليها كما يجب
إنشاء مؤسسات مستقلة معنية بالمساواة
3. تدابير إيجابية للدول تتعلق بالسياسة العامة:
بغية مواجهة الكراهية، على الدول أن تتخذ مجموعة من تدابير إيجابية وغير قسرية تتعلق بالسياسة العامة تشمل جميع نواحي الحياة العامة، وذلك لمواجهة الحكم المسبق والتمييز، وللاستجابة لخطاب الكراهية. لن تستدعي بالضرورة هذه التدابير الخاصة بالسياسة العامة سن قوانين وتشريعات.
ينبغي لهذه التدابير أن تبنى على عدم التمييز وتتوافق مع التزام متين من المسؤولين الحكوميين باحترام حقوق الانسان كما الالتزام بتعزيز الحوار ودعم مشاركة جميع أطياف المجتمع.
الاعتراف على عدم تقبل الآخر ومواجهته
التدريب في مجال المساواة
السياسة العامة للتعددية والمساواة في الإعلام
حملات التثقيف والإعلام العام
العدالة التحويلية
4. ماذا تستطيع فعله الأطراف المعنية الأخرى؟
إلى جانب الدولة، يمكن أن تلعب الأطراف المعنية الأخرى دورًا كبيرًا في تعزيز المساواة وعدم التمييز وكذلك الحق في حرية التعبير. ويعد ذلك بنظر الكثيرين جزءًا محوريًا من مسؤولياتهم المشتركة و/أو الاجتماعية.
مبادرات المجتمع المدني
تعبئة الفاعلين المؤثرين والتحالف بين المؤسسات
دور الإعلام المستقل والتعددي
دور الحوار الهادف بين المجموعات
مصدر: challengehate.com
#تحدي_الكراهية هي حملة المادة 19 كجزء من مشروع الحوار الإعلامي في قيرغيزستان لرفع مستوى الوعي بالمعايير الدولية ذات الصلة بـ "خطاب الكراهية" وكيف يمكن استخدامها لتحديد وتحدي "خطاب الكراهية" من خلال تدابير إيجابية.