تصاعد حالات سوء التغذية في دارفور وكردفان وسط الصراع المستمر
مشاعر إدريس
يعاني الأطفال في منطقتي دارفور وكردفان اللتين مزقتهما الصراعات في السودان، أزمة سوء تغذية حادة، مع اشتداد الصراع الذي طال أمده، فيما تزداد تلك المعاناة يوما بعد يوم بسبب انعدام الخدمات الطبية والنقص الحاد في الغذاء والدواء نتيجة للحرب الدائرة في هذه المناطق.
حسب أحدث تحليل للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، يعاني ما يقدر بنحو ١.٤ مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية، في حين أن ٢٦٥ ألف يعانون من سوء التغذية الحادة.
,أفادت وكالات الأمم المتحدة والسلطات الصحية المحلية عن معدلات مثيرة للقلق من سوء التغذية في المستشفيات والمراكز الصحية، إذ إن ما يصل إلى ٣٥٪ من الأطفال الذين أُدخلوا المستشفى بسبب سوء التغذية يواجهون حالة حرجة.
وقالت فاطمة أحمد - اسم مستعار - التي تقطن معسكر أبو شوك بولاية شمال دارفور "يعاني طفلي من سوء التغذية بسبب عدم وجود الطعام" وتخوفت فاطمة من أن تفقد أطفالها بسبب الجوع والاشتباكات التي تقع بين الحين والأخرى بالولاية التي تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية.
وطالبت الحكومة بضرورة إيصال المساعدات الانسانية لدارفور حتى لا يموت سكان الإقليم بسبب الجوع والفقر.
وفي هذا الإطار، يقول منسق الشؤون الإنسانية لليونيسيف في السودان، أندرس تومسن، إن "الوضع حرج". "يموت الأطفال بسبب سوء التغذية لأنهم لا يستطيعون الحصول على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية التي يحتاجون إليها." كما فرّ الملايين من منازلهم. ولا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الأساسية، وأدى نقص الغذاء وسوء الصرف الصحي إلى تفاقم الوضع. وتحاول المنظمات الإنسانية بتقديم مساعدات عاجلة، لكن الوضع الأمني لا يسمح بذل.
وقد كشف مصدر طبي يعمل في مراكز إيواء نازحي الحرب بمدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، غربي السودان، عن زيادة معدلات وفيات الأطفال منذ اندلاع الحرب بالولاية. ووفقا لمصدر طبي في أحد مراكز الإيواء في بابنوسة - مفضلا حجب اسمه لأسباب خاصة- فإن وفيات الأطفال في المخيمات بلغت ٧٥ طفلا منذ ٢٤ يناير الماضي حتى الآن، بسبب الحميات ونزلات البرد ونقص الغذاء إلى جانب عدم توفر الرعاية الصحية.
وأكد المصدر زيادة معدلات وفيات الأمهات بسبب انعدام المتابعة الطبية، فضلا عن وفيات كبار السن نتيجة للأمراض المزمنة. وأضاف “وصلت نسبة النزوح ١٠٠٪ بالولاية بالإضافة إلى تفاقم الأوضاع الصحية نتيجة لإغلاق المستشفى والمراكز الصحية منذ اندلاع الحرب في المنطقة.
في السياق ذاته، كشف رئيس السلطة المدنية في مناطق سيطرة حركة تحرير السودان مجيب الرحمن محمد الزبير عن زيادة معدلات سوء التغذية وسط الأطفال وكبار السن في مناطق سيطرة الحركة في دارفور غربي البلاد.
وقال " إن أكثر من ٧٥ ألف من الأطفال يعانون من سوء التغذية في المخيمات التي تقع داخل مناطق سيطرة الحركة. وتتمركز قوات الحركة التي يقودها عبد الواحد نور في جبل مرة وهي منطقة وعرة تمتد إلى عدة ولايات بإقليم دارفور. وتشمل هذه المخيمات وفقا (للزبير: طويلة، كاتور، فنقا، سبنقا، سورتوني، دبة نايرة، كتروم، قلول، تورنتاورا، كالوكتنج، صابون الفقر، فينا وليبا) وأكد الزبير زيادة عدد الوفيات وسط الأطفال في المخيمات بشكل يومي بسبب سوء التغذية حيث تتراوح الوفيات ما بين ١٠ إلى ١٥ حالة وفاة يونيا داخل كل مخيم نتيجة للجوع، مطالبا منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية بالتدخل العاجل وإنقاذ الوضع الإنساني حتى لا يتحول إلى وضع كارثي يصعب السيطرة عليه.
الى جانب ذلك، أعلنت مسؤولة الاتصال ببرنامج الغذاء العالمي عن أن الأمم المتحدة ستستأنف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية لولايات دارفور عبر حدود دولتي تشاد وجنوب السودان خلال أسبوعين.
وقد أعلنت السلطات السودانية، في الأسبوع الأول من مارس الجاري، الشروع في ترتيبات تهيئة المعابر الحدودية والمطارات لاستقبال المساعدات الإنسانية.
وقالت ليني كانسلي لسودان تربيون: "إن دخول المساعدات لولايات دارفور سيبدأ في نهاية مارس الجاري بعد فتح الحدود بين البلدين" وأضافت "ستتم العملية وفقاً لتنسيق بين طرفي الحرب حسب ما نصت عليه اتفاقية (جدة) بالإضافة إلى تنسيق مع حركات الكفاح المسلح".
وأعلنت كانسلي أيضا عن أن الأمم المتحدة تستهدف مليون شخص شهرياً في دارفور من المساعدات، وأقرت بوجود تحديات تواجه عملية نقل المساعدات الإنسانية تتمثل في قرب فصل الخريف وتأثر الطرق بالأمطار، فضلاً عن ازدياد نشاط الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاقية جوبا بمنطقة جبل مرة. وأكدت مسؤولة الاتصالات ببرنامج الأغذية العالمي وجود كميات من مواد الإغاثة حاليا في تشاد.
ويحتاج ٢٥ مليون سوداني إلى مساعدات إنسانية، منهم قرابة الـ ١٨ مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بعد أن قضى النزاع المتطاول بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل من العام الماضي على وسائل سبل العيش ودمر القاعدة الصناعية للبلاد.