13/04/2024

السودان: كابوس الحرب يدخل عامه الثاني والملايين على بعد خطوة من المجاعة

أخبار الأمم المتحدة ـ منظور عالمي قصص إنسانية

حذّر مسؤولون عن الإغاثة وحقوق الإنسان من الفظائع التي ترتكبها كل الأطراف والمجاعة الوشيكة وعواقب القيود المفروضة على المساعدات.

ولتسليط الضوء على الاوضاع، حاورت أخبار الامم المتحدة جاستين برادي رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، جيل لولر رئيسة العمليات الميدانية في السودان بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، والمواطنة السودانية فاطمة والمصور السوداني علاء خير، والناشطة السودانية حنين أحمد.

جوع حاد ومجاعة وشيكة
بسبب الوضع الأمني المتردي اضطرت الوكالات الدولية إلى الانتقال من العاصمة الخرطوم بعد بضعة أسابيع فقط من اندلاع القتال، إلى بورتسودان، شرق السودان.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، تحدث جاستين برادي رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان عبر الفيديو من بورتسودان، وقال: "إن أكبر مخاوفنا يتعلق بمناطق النزاع في الخرطوم نفسها وولايات دارفور".

واضاف "بدون المزيد من الموارد، لن نتمكن من وقف المجاعة أو تقديم المساعدة الأساسية".

وفيما تفيد البيانات بأن 5 ملايين سوداني على بعد خطوة واحدة من المجاعة وما يقرب من 18 مليونا يواجهون الجوع الحاد، فإن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024- التي تبلغ تكلفة أنشطتها 2.7 مليار دولار- لم تتلق سوى 6 في المائة فقط من إجمالي التمويل المطلوب.

وعلى الرغم من توفر الإمدادات الإنسانية في بورتسودان، فإن التحدي الرئيسي يتمثل في ضمان وصولها بشكل آمن إلى المحتاجين. ويتسبب نهب مستودعات المساعدات والعوائق البيروقراطية وانعدام الأمن والانقطاع التام للاتصالات في عرقلة هذه الجهود.

وقال برادي: "يشار إلى السودان في كثير من الأحيان على أنه أزمة منسية، لكنني أتساءل كم من الناس في العالم يعرفون ما يحدث في السودان حتى يتمكنوا من نسيانه".

الحرب والأطفال
مع اجتياح الجوع للسودان، أفادت تقارير بأن طفلا يموت كل ساعتين بسبب سوء التغذية في مخيم زمزم للنازحين شمال دارفور.

وقالت جيل لولر رئيسة العمليات الميدانية في السودان بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الى أخبار الامم المتحدة، إن 24 مليون طفل تضرروا من الصراع، وإن 730 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.

وأضافت: "لا ينبغي أن يعيش الأطفال في هذا الوضع، أو أن يسمعوا أصوات القنابل أو ينزحوا عدة مرات كما يحدث في هذا الصراع الذي يجب أن ينتهي".

وحرم الصراع أيضا أكثر من 19 مليون طفل من الانتظام في مدارسهم. وبالإضافة إلى القتل والإصابات والنزوح، تعرض الأطفال لانتهاكات مثل تجنيدهم القسري واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة.

وقالت المسؤولة بمنظمة اليونيسف إن النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب في الأشهر الأولى من الحرب يلدن الآن أطفالهن، وبعضهن أضعف من أن يرضعهن.

وتابعت "جاءت إحدى الأمهات إلى عيادة طبية لعلاج رضيعها البالغ من العمر ثلاثة أشهر. للأسف لم تكن لديها الموارد اللازمة لتوفير الحليب لابنها الصغير، لذلك لجأت إلى حليب الماعز، مما أدى إلى إصابته بالإسهال".

وأضافت أن هذا الرضيع كان واحدا من "القلائل المحظوظين" الذين تمكنوا من الحصول على العلاج، فيما يُحرم الملايين من الرعاية الصحية.

الموت والدمار والقتل المستهدف
على أرض الواقع، حاورت أخبار الأمم المتحدة مواطنين سودانيين تضرروا بشكل مباشر بالحرب، تحدثوا عن المعاناة التي لا تنتهي وشاركوا معنا تجاربهم ورحلاتهم المحفوفة بالمخاطر بحثا عن الأمان.

لقد كانت السيدة فاطمة*، موظفة في بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) قبل أن ينتهي تفويض البعثة. وقالت لأخبار الأمم المتحدة: "فقدت كل ما أملك. نهبت الميليشيات منزلنا واستولت على كل شيء، حتى الأبواب".

وأضافت أنها ظلت وأسرتها عالقين داخل منزلهم لمدة 57 يوما في الجنينة، غرب دارفور غير قادرين على مغادرته بينما استهدفت الميليشيات بشكل منهجي الناس وقتلتهم على أساس عرقهم.

وتحدثت عن رحلة فرارها المحفوفة بالمخاطر قائلة: "تراكمت الجثث في الشوارع لدرجة يصعب معها المشي من كثرتها".

"المدنيون يدفعون ثمن الحرب"
المصور السوداني علاء خير يغطي الحرب منذ اندلاع الاشتباكات العنيفة قبل عام، قال في حوار مع أخبار الأمم المتحدة إن "حجم الكارثة أكبر مما تصوره وسائل الإعلام".

وأضاف: "نحن في حرب غريبة للغاية من نوعها. حرب يحاول كل طرف فيها أن يقضي على الآخر، وبينهما يدفع المواطن الثمن باهظا. المواطن هو الذي يدفع ثمن الدمار والخسارة. لا تزال الحرب في السودان مستمرة بقوة وحياة ملايين السودانيين متوقفة دون أي مؤشر على وجود حل في الأفق".

الشباب والجهود الإنسانية
حنين أحمد، ناشطة سودانية في حقوق الإنسان والعمل الطوعي.

تحاول المجموعات المجتمعية التي يقودها شباب وشابات سودانيون ملء الفراغ الذي خلفه اضطرار الوكالات الإنسانية إلى الانتقال من مواقع عملها بسبب الحرب.

الناشطة السودانية حنين أحمد قالت لأخبار الأمم المتحدة، إن هذه المبادرات التي يقودها الشباب، والتي تسمى "غرف الاستجابة للطوارئ"، تقيّم الاحتياجات وتتخذ الإجراءات، بدءا من تقديم المساعدة الطبية حتى توفير الممرات المؤدية إلى الأمان.

الناشطة الشابة الحاصلة على درجة الماجستير في النوع الاجتماعي والمتخصصة في السلام والصراع، أسست غرفة الطوارئ في منطقة أم درمان، وقالت: "نحن في غرف الطوارئ لا نستطيع تغطية جميع الاحتياجات في مناطق النزاع، لذا نطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بتسليط الضوء على قضية السودان والضغط لإسكات البنادق وحماية المدنيين وتقديم مزيد من الدعم لمساعدة المتضررين من الحرب".

*فاطمة اسم مستعار للسيدة السودانية التي فضلت حجب اسمها الحقيقي لدواع أمنية.

معرض الصور