اللاجئون السودانيون في مصر يواجهون اوضاعا قاسية
مشاعر إدريس
يعاني اللاجئون السودانيون من أوضاع إنسانية قاسية في القاهرة من ارتفاع أسعار العقارات السكنية، وغلاء المعيشة، وعدم توفيق أوضاع الرسمية لأغلب الأسر السودانية، خاصة الذين وصلوا بالطرق غير رسمية عبر التهريب. في ظل هذه الأوضاع الصعبة، هناك تجاهل كبير لدور مفوضية اللاجئين والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، الأمر جعل عددا من الأسر تقرر العودة للسودان رغم استمرار القتال، بسبب عدم مقدرتها على تلبيه احتياجاتها الأساسية في الحياة.
شددت مصر في يونيو العام الماضي، دخول اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب إلى أراضيها، في وقت يعاني آلاف الأشخاص في المعابر من أوضاع إنسانية حرجة بعد ما منعت القاهرة دخول السودانيين بوثائق السفر الاضطرارية وجوازات السفر التي مددت السُّلطات أجلها الزمني بعد اندلاع الحرب، كما رفضت إضافة الأطفال.
يواجه عدد كبير من السودانيين قرارًا بالإبعاد والترحيل من قبل السلطات المصرية منذ فبراير الماضي، بعد أن تم توقيفهم بسبب مخالفات تتعلق بإجراءات الإقامة، رغم أن بعضهم لاجئين مقيدين بسجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبرأتهم المحكمة عن طريق إجراءات التقاضي العادية، إلا أن سلطات أمن الدولة قررت ترحيلهم إلى جانب سوء المعاملة.
واشتكت صفاء علي - اسم مستعار للاجئة سودانية في مصر، من سوء المعاملة التي يتعرض لها السودانيون في مصر، دون بقية الجاليات الأخرى.
وقالت "إن الأسر السودانية تذهب منذ الفجر لمتابعة إجراءات الإقامة ومن ثّم تعود في المساء، فضلا عن تأخير موعد تصديق الإقامة التي تصل أحيانا ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر،وأفادت صفاء، أن طالبي الإقامة يعانون من التكدس والازدحام بشكل يحط من كرامة الإنسان السوداني مع التأخير في منح الإقامة، منتقدة قصور كل من سفارة السودان بجمهورية مصر، والجالية السودانية بمصر، بسبب عدم معالجة مشاكل السودانيين في القاهرة. واكدت صفاء على وجود عدد كبير من صغار السن، والفتيات السودانيات زجّ بهم في السجون المصرية بسبب الإقامة.
غلاء المعيشة
بينما ذهبت اللاجئة السودانية في مصر، فاطمة حامد (اسم مستعار) في اتجاه أخر من ارتفاع أسعار إيجار الشقق والاستغلال من السودانيين وبالأخص اللاجئين بدون مستندات رسمية متعلقة باللجوء.
وقالت فاطمة حامد، إنها تقطن هي وزوجها في شقة مع بناتها الثلاثة وأطفالهم البالغ عددهم ٩ أطفال، بالإضافة إلى أشقائها الاثنين، حيث أتى واحد منهم بأسرته كاملة للسكن معهم، الأمر الذي جعل صاحب الشقة يمهلهم ٧٢ ساعة لمغادرتها.
وأفادت إنهم من خلال بحثهم عن شقة أخرى لم يجدوا شقة أرخص من 12 ألف جنيه مصري، مضيفة عدم امتلاكهم لهذا المبلغ الكبير، وأشارت إلى أن أسرتها مهددة بالاتجاه للإيواء في الشارع، لأنها لا تملك المال الكافي لإيجار شقة أخرى بأسعار غالية. وذكرت عدم وجود أي دعم من الحكومة المصرية للاجئين السودانيين.
ضيق فرص العمل
من جانبها قالت القانونية السودانية، رحاب المبارك، إن مسألة الاندماج تسمح الحكومة المصرية بتعليم الطلاب السودانيين في مدارسها، ولا تمانع في منح التراخيص للمدارس السودانية لممارسة التعليم داخل مصر وفق الضوابط والقوانين المصرية الخاصة بالتعليم. وأكدت، أن السودانيين بمصر يتمتعون بالحصول على تلقي العلاج ودخول المستشفيات المصرية وفقا لاتفاقية الحريات الأربعة الموقعة بين مصر والسودان. وأضافت مبارك أن مفوضية اللاجئين تعمل في إجراءات استخراج بطاقة الإقامة (الكرت الأصفر) لمدة عام وستة أشهر، وهي إقامة مؤقتة لأي لأجي إلى حين حلّ أزمة حرب السودان. أما بالعودة الطوعية إلى بلادهم او الخضوع لوضع جديد فتقرره المفوضية وفقا لقوانين الهجرة والنزوح بعد نهاية فترة الإقامة.
وكشفت عن وجود عدد كبير من اللاجئين السودانيين في مصر على نفقتهم الخاصة بدون استلام أموال من أي جهات أخرى منذ الشهور الأولي للحرب، مشيرة إلى أن كل الذي يتم توفيره هو رقعة آمنة من الحرب على نفقتهم الخاصة، وأقرت ان التحديات التي تواجه السودانيين هي رغبتهم للعودة إلى الحياة في بلادهم، بجانب ضيق فرص العمل، حيث إن أغلب السودانيين في مصر يعملون في مهن هامشية أو أعمال بسيطة دون مجالات التخصص.
وبموجب اتفاق الحريات الأربعة الموقع بين الخرطوم والقاهرة، يحق لسكان البلدين التنقل والتملك والإقامة والعمل، لكن مصر تفرض قيودًا على دخول السودانيين أراضيها في مخالفة واضحة لهذه الاتفاقية مثل إلزام الرجال دون الخمسين بتأشيرة الدخول فيما تُعفي النساء والأطفال من هذه القيود.
انتهاكات جسيمة
وقالت ممثلة لاحدي منظمات حقوق الإنسان، إن بيان ٢٧ منظمة في مارس الماضي، يتضمن مطالبة السلطات المصرية بالتوقف الفوري عن استهداف طالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين السودانيين بالاعتقال التعسفي والترحيل القسري، بجانب الالتزام بتنفيذ المعاهدات الدولية التي صادقت عليها، لا سيما حظر الإعادة القسرية للاجئين إلى البلد الذي فروا منه، حيث يواجهون الخطر في حالة الترحيل والطرد القسري.
وأشارت، إلى أن حملات الاعتقال والترحيل بدأت في أواخر أغسطس من العام الماضي ولا تزال مستمرة حتى الآن، لافتة إلى أن السلطات المصرية تنفذ هذه الاعتقالات في جميع أنحاء البلاد، مثل: القاهرة، والجيزة، وأسوان، والبحر الأحمر، ومطروح، والإسكندرية، وعلى طول الحدود الجنوبية لمصر.
كانت قد أعلنت هيئة محامي دارفور وشركاؤها خلال الاشهر الماضية أنها ستتقدم بشكوى للمفوض السامي للاجئين، والأمين العام للأمم المتحدة، لتشكيل لجنة للنظر في القصور والتجاوزات بمكاتب المفوضية السامية للاجئين بالقاهرة وفي تحديد المواعيد والمقابلات
إلى ذلك، قال نائب رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور الصادق علي حسن، إن مذكرة الشكوى جاهزة منذ أكثر من شهر، لكن العقبة الأساسية هي، إن ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر وجامعة الدول العربية د. حنان حمدان لا يُعرف مكانها ولا زلنا نبحث عنها.
وافاد الصادق، بأن الشكوى للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا بد من استيفاء الشكوى أولا لدى أجهزة المفوضية بالقاهرة، خاصة وأن د. حنان حمدان، ممثلة المفوض بالقاهرة والمعنية باستلام الشكوى (خلف حجاب اسوار المفوضية الحديدية). واضاف في حال تعذر التواصل مع د. حنان حتى الأسبوع القادم سيتم اللجوء مباشرة للمفوض السامي مع بيان فيه حيثيات اللجوء المباشر بتعذر تسليم الشكوى لأجهزة المفوضية المعنية بمصر .
ووضع اللاجئين في القوانين الدولية يمنح إمكانية البقاء في البلد المضيف وعدم إعادتهم إلى بلدهم الأصلي (عدم الإعادة القسرية على سبيل المثال) والتعليم والرعاية الصحية والسكن والعمل والأسرة.