الحياة وسط الرصاص والقذائف
انا الدكتور احمد الجاك، عملت خلال العامين الماضيين طبيبا مع منظمة اطباء بلا حدود. بدأت قصتي قبل الحرب بعام واحد، في جناح علاج سوء التغذية بمستشفى الدمازين. وحين لدأت الحرب، وجدت نفسي في ود مدني في قلب النزاع.
تكشّفت في الأيام الأولى أخبار الحرب، ورأينا مجموعات من النازحين تشق طريقها من الخرطوم إلى ود مدني. ولتقديم بعض من المساعدات الطبية، انشأت منظمة أطباء بلا حدود عيادات ميدانية في مخيمات النازحين.
كان الإرهاق والتعب واضحا على وجوه النازحين، أدركنا أن حاجة الناس تمتد أبعد من العلاج الجسدي إلى الحاجة للدعم النفسي أيضا.
عملنا في هذه المخيمات بلا كلل لمدة سبعة أشهر، عالجنا خلالها حالات سوء التغذية والحصبة والكوليرا، وغيرها من الأمراض المنتشرة بما في ذلك تقديم استشارات الصحة النفسية. كنا بمثابة شريان الحياة لهؤلاء الناس إلى أن تصاعد النزاع وأُجبرنا على الخروج من المخيمات.
امتلأت عياداتنا المتنقلة بالمرضى في كل يوم، كان في انتظارنا أكثر من مائتي شخص. رغم الضغط الشديد، كان علينا أن نفرز الحالات إلى خطيرة وباردة أو أقل خطورة، حتى نتمكن من نقل الحالات الخطرة إلى المستشفى، في حين نعالج الحالات الأقل خطورة في الموقع.
إن التحدي الأكبر الذي نواجه اليوم هو ندرة الإمدادات الطبية، لقد نفدت المعدات الجراحية لدينا، ونحن على وشك إيقاف جميع الأنشطة ما لم تصل الإمدادات الطبية.
وفي خضم كل هذا، وبعد إجلاء عائلتي إلى سنار، وفيما يعد مخاطرة شخصية، قررت الاستمرار والبقاء لتقديم المساعدة للآخرين، رغم إطلاق النار المستمر وخطورة الأوضاع حولي. كان قرار البقاء بمثابة صراع داخلي، إلا أنني وثقت بالله وقررت الاستمرار.
كانت الحياة طبيعية قبل الحرب. كنت أذهب إلى المستشفى وأساعد المرضى ثم أعود إلى عائلتي. أما الآن، فمدينتي مدمرة، وقد رحلت عائلتي بعيداً، وأصبح الشعور بالخوف منتش ًرا.
احتفظ ببصيص من الأمل في هذه الأوقات المظلمة. أتطلع إلى اليوم الذي تتوقف فيه الحرب، ويسود السلام، ونتمكن من العمل على بناء وتطوير بلدنا دون تهديد بالترحيل القسري.
اتكلموا عن السودان
صفحة اطباء بلا حدود ـ قصص من السودان