09/06/2024

الحرب.. مآسي بلا حدود

عثمان فضل الله

لا يشعر الكثيرون بالحال التي وصل إليها الناس. فنادق أديس أبابا وحواريها تحكي كم مأساة، وتكشف مدى الهوان الذي وصلنا اليه. ضاحية "بولي رواندا" ورصيفتها "مسكل فلور"، هناك في فنادق رخيصة الثمن، ورخيص فيها الإنسان، تتكدس عشرات الأسر، نساء أطفال كبار سن ينتظرون دورهم للحصول على التأشيرة من السفارة السعودية. كل شئ هنا بالدولار. الفحص الطبي، حجز مواعيد المقابلات التأمين الصحي.

تحكي نفيسة، طالبة جامعية، التي وصلت إلى أديس أبابا برفقة والدها السبعيني للالتحاق بشقيقها الموجود في المملكة، بعد أن فقدوا والدتهم وشقيقتهم جراء سقوط دانة على منزلهم في مدينة الثورة.

تقول "وصلنا إلى هنا بعد سفر استمر قرابة الشهر حيث انتقلنا من أم درمان إلى شندي، ومنها إلى كسلا، ومن ثم إلى القضارف ومنها إلى قندر، داخل أثيوبيا، وفي الطريق إليها تم الاستيلاء على كل الأموال التي معنا وحتى تلفوناتنا من قبل مسلحين.

وتواصل نفيسة "وصلنا إلى قندر، وبقينا في الشارع ليوم كامل لأننا لا نملك المال لايجار غرفة في فندق. دلونا على شخص يمكن أن نستدين منه بفائدة تبلغ ٢٠%. رهنا جوازاتنا، مقابل مبلغ يمكننا أنا وأبوي أن نجد غرفة ونأكل ونشرب. مكثنا في قندر عشرة أيام، وكانت المأساة في اليوم الحادي عشر عندما ذهبنا لاسترداد جوازتنا لم نجد جواز والدي. ببساطة الرجل قال لنا ضاع ربما يكون استلموه ناس تانين بالغلط".

بطريقة ما وصلت نفيسة ووالدها إلى أديس أبابا. والدها الآن مريض وشقيقها في السعودية باع كل ما يملك لتغطية مصروفاتهم، وهم الآن في انتظار وصول جواز الأب بعد تكملة إجراءات استخراجه في السفارة السودانية بأديس أبابا قبل أكثر من شهر. تقول نفيسة "ناكل وجبة واحدة في اليوم، وأحيانا أصوم أنا يوميين متتالين حتى يأكل أبى".

أما نهال، وهي من مواطني غرب الجزيرة، والتي وجدتها وأطفالها الثلاثة، أكبرهم عشرة سنوات واصغرهم سنتين، يقفون خارج فندق في منطقة "مسكل فلور". هذه قصة أخرى، إذ هجم الجنجويد على قريتهم فإضطروا إلى النزوح الى سنار ومنها إلى القضارف.

اقترحت على زوجها بأن تلتحق هي والأطفال به في السعودية. وافق الرجل في المبتدأ وأرسل لها وأولادها زيارة عائلية على أن تبيع ما تملك من حلى لتغطية نفقات الرحلة لأنه لا يملك المال اللازم لذلك.

تقول نهال "بعت أسورة ذهبية من أصل ثلاثة امتلكهن. ووصلت إلى أديس أبابا ونزلت في فندق. بعد أسبوع تمت سرقة أموالي وبقية الأساور. لم نعد نملك ما يكفي لتكملة الإجراءات. الأسبوع الأول بعث زوجي مبلغا غطى كلفة الأكل والشراب ونفقات الفندق. ولكن منذ أسبوعيين أغلق هاتفه ولم نستطيع التواصل معه".

تواصل نهال "تم طردنا من الفندق إلى الشارع، ولا أدري إلى أين اذهب بهولاء الأطفال".

لجأت نهال إلى السفارة السودانية، وتقول إنها لم تجد عندهم حل، وتستدرك بأن أحد الموظفين في السفارة اشفق على حالها ومنحها مبلغا من المال غطى دين الفندق.

وتختم نهال في أسى "الآن انا مهددة بالطرد للمرة الثانية ولا أملك قيمة العودة للسودان ولا تكملة إجراءات السفر للمملكة ولا أدري ماذا أفعل".

معرض الصور