25/06/2024

معاناة اللاجئين السودانيين إلى إثيوبيا.. جحيم الحروب والمطر

مواطنون
"فقط أريد العودة إلى وطني. أريد أن أموت هناك"، هذا ما قالته سيدة أربعينية، في رسالة صوتية تلقتها "مواطنون" عبر تطبيق الواتساب، وهي تتوسط أطفالها الأربع وقد فقدت كل رغبة في الحياة بعد أن عاشت تلك التجربة القاسية طول السبعة أشهر المنصرمة، بحسب وصف مرسل الرسالة.

فبعد أن إضطرتها أصوات المدافع وسقوط القذائف من الأرض والسماء في منطقة جنوب الخرطوم، بعد اندلاع الحرب بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى الهروب بجلدها، وهي تجرجر أطفالها خلفها، إلى ولاية الجزيرة، عاشت تجربة النزوح مرة أخرى إلى مدينة القضارف بعد اجتياح قوات الدعم السريع للولاية. وبعدها اجتازت الحدود الإثيوبية حيث استقر بها المقام في معسكر أولالا للاجئين في إقليم أمهرا، قبل خروجها مع الآخرين من المعسكر الرسمي بعد أن إزدادت معاناتهم من شتى النواحي.

ماذا حدث؟
كانت مواطنون من أول المنصات الصحفية التي تابعت خروج اللاجئيين السودانيين من معسكري كومر واولالا في أقليم أمهرا، وتنظيمهم لمسيرة احتجاجية كانت تعتزم التوجه إلى مدينة قندر، العاصمة التاريخية لإقليم أمهرا، في مطلع شهر مايو الماضي.

وجه اللاجئون، وقتها، عبر صحيفة مواطنون الإلكترونية، نداء عاجلا إلى الجهات والمنظمات المعنية. وكانوا يشتكون من انعدام الأمن منذ دخولهم المعسكرات الإثيوبية.

وقال مصدر لصحيفة مواطنون إن الوضع أصبح مأساويا، مما دفع الجميع إلى الخروج، ويخشى من تداعيات وتطورات الأزمة.

وقال المصدر إن المقيمين في معسكرات اللاجئين في إثيوبيا يئسوا من التواجد هناك، خاصة أن الإقليم كله لا ينعم بالسلام والأمن منذ حرب تيغراي، وإن اللاجئين لا يجدون الحماية والأمن. وظل مطلب اللاجئين هو ترحيلهم من هذه المنطقة إلى مواقع أكثر أمنا.

الوضع الأن
ها هي السيدة الأربعينية تجد نفسها عالقة مرة أخرى وسط جحيم مضاعف، فالحرب التي هربت منها تدور أمامها الآن بين القوات الإثيوبية الفدرالية ومليشيا الفانو التي تقاتل الحكومة المركزية في أقليم أمهرا. عادت أصوات الرصاص مرة أخرى لتقض مضاجع الأطفال وتقلق الكبار، هذا غير المعاناة المتواصلة من انعدام الرعاية الصحية وقلة الغذاء وانعدام التعليم بالنسبة للأطفال بشكل كامل. وجاء موسم الخريف الذي تشهد فيه إثيوبيا عامة امطاراً غزيرة في معظم أقاليمها، ليزيد طين المعاناة بلة.

يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي حوالي 1,200 ملم. وأن يأتي موسم المطر، وهؤلاء اللاجئين يحتمون بالغابات بعد ان رفضوا الرجوع إلى معسكرات الإيواء، سيضاعف من معاناتهم أكثر وأكثر.

قال أحد اللاجئين لـ "مواطنون"، في وقت سابق، إن أثيوبيا فتحت لنا حدودها، وهذا شيء تشكر عليه، لكنها غير قادرة على توفير الحماية لنا في ظل الأوضاع المعقدة داخلها. وطالب المنظمات الإنسانية بإيجاد مخرج لهذا الوضع الكارثي للسودانيين بإجلائهم لمنطقة آمنة.

وبحسب وكالة رويترز، قال لاجئون يعيشون الآن خارج المخيمات إن الناس يواجهون أعمال عنف منتظمة.
وقال أحد أعضاء لجنة قيادة المخيم: "يضطر الناس إلى الذهاب إلى الوادي للاستحمام وغسل الملابس. لكنهم إما يتعرضون للسرقة أو الضرب أو الاختطاف يومياً".

وقالوا: "إننا نواجه كارثة تلو الأخرى".

وقال إن الكوليرا انتشرت في معسكر كومر، حيث كان هناك طبيب واحد على الأقل متاح لرؤية المرضى، والعديد من اللاجئين وعامل إغاثة طلب عدم الكشف عن هويته. وقال لاجئان لرويترز إن شحنات الغذاء الشهرية التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تستمر لأقل من أسبوعين.

المفوضية السامية
تقدر المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أعداد اللاجئين السودانيين الذين خرجوا من معسكرات الإيواء بـ 1000 شخص، فيما تقول مصادر من اللاجئيين إن أعداد اللاجئيين الذين خرجوا من المعسكرات ويقيمون في الغابات والطرقات أضعاف ذلك.

وبحسب إحصائية للجنة المنظمة للاجئيين فإن أعداد اللاجئيين تتوزع بين:
2133 طفل
1017 إمرأة
1719 رجل
1135 مرضى
76 من ذوي الاحتياجات الخاصة

في حديثه لوسائل إعلامية، أبدى المتحدث باسم المفوضية السامية في نيروبي أسد الله نصر الله قلقه من أوضاع اللاجئيين السودانيين خارج المعسكرات، وقال إنهم يتفهمون مطالب اللاجئيين وخاصة الأمنية حيث تسعى المفوضية بالتنسيق مع السلطات الإثيوبية لتقلهم إلى مناطق اكثر أمناً.

وأضاف بأن المشكلة هي رفض اللاجئيين العودة إلى معسكرات الإيواء حيث يمكننا تقديم الخدمات لهم

وتشير الإحصائيات إلى عبور أكثر من 34 ألف لاجيء سوداني الحدود الإثيوبية منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، حيث وصل 20 ألف منهم عبر مدينة الكرمك والآخرين عبر القلابات.

يقول أحد المنظمين للاحتجاجات "نحن ببساطة نطلب من الجميع على كلا الجانبين(مفوضية اللاجئيين والحكومة الإثيوبية) أن ينزلوا إلى الأرض ويشهدوا ما يجري. لقد لجأنا إلى إثيوبيا طلباً للحماية، وليس لدينا أي قدرة أو نية في تحدي سيادتها. نحن لسنا أحد أطراف الصراع المستمر في السودان، بل نحن ضحاياه. نحن نحترم سيادة إثيوبيا، بما في ذلك قوانينها وعاداتها وتقاليدها وثقافتها وشعبها. لقد توسلنا فقط وطالبنا بحماية حياتنا وحياة أطفالنا ونسائنا."

معرض الصور