غرفة طوارئ شباب كسلا.. مجهود كبير بإمكانيات محدودة

حوار ـ مواطنون
يفترش النازحون من ولاية سنار الأرض وبلتحفون السماء بالمدرسة الصناعية في مدينة كسلا. أعداد كبيرة من الأطفال والنساء وكبار السن والشباب، بعضهم يحتمي بظل شجرة وهناك بعض المخيمات التي أنشأتها المفوضية العليا للاجئين وهناك لافتات تنبئ بوجود منظمة الهجرة الدولية، والقادمون الجدد يصطفون داخل المركز للفحص الأمني. وسط كل هذا المشهد تجد حركة دءوبة لشباب وشابات تميزهم سترات مكتوب عليها غرفة طوارئ كسلا، لا يكلون وى يملون، فهم في حركة دائمة لتقديم خدماتهم للقادمين من جحيم الحرب. التقت "مواطنون" مديرة مكتب الاتصال بالغرفة، مرسى عمر، ومدير شؤون العضوية والتدريب، سعيد رمضان محمد، للوقوف على المجهود الذي يبذله الشباب تطوعاً من أجل تقديم خدمة تليق بالإنسان السوداني في ظل الكارثة التي ألمت به.

ما هي الخطة التي وضعتها الغرفة لمقابلة موجة النازحين بعد أحداث سنار وسنجة؟
كانت لدينا تجربة سابقة في التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة، خاصة تجربتنا مع موجة النزوح الأولى من الخرطوم وموجة النزوح الثانية من مدني. فكانت أول المهام التي وضعناها ألى القائمة، وبدأنا تنفيذها فعلياً هي تغطية الاحتياجات الغذائية للنازحين. وشرعنا منذ اليوم الأول في إنشاء مطابخ لمقابلة احتياجاتهم، وساعدنا تحديد مفوضية العون الإنساني للمدرسة الصناعية كمركز إيواء رئيسي لاستقبال النازحين في إنشاء مطبخ مركزي يقدم خدماته للمراكز الأخرى.
كانت أفكارنا في البداية مشتتة نسبة لأوضاع محلية كسلا بالذات، لعدم وجود أماكن لاستيعاب النازحين، وكان تدخلنا مرتبط بقدرتنا على تقديم الخدمات الصحية والوجبات الغذائية بشكل مباشر. بعد اعتماد المفوضية لمركز الاستقبال، قدمنا نداء للمجتمع المحلي في كسلا، كانت الاستجابة كبيرة وسريعة من مجتمع كسلا وخاصة إنه مجتمع مبادر وتشهد له موجات النزوح السابقة.

مدى التعاون بينكم والجهات الرسمية في تقديم الخدمات للنازحين؟
في موجة النزوح الأولى والثانية كان لدى الغرفة شريك رسمي وهو ديوان الزكاة ولاية كسلا. اختلف الوضع في موجة النزوح الأخيرة من ولاية سنار، بعد تغيير المسؤولين في ديوان الزكاة، لم انقطعت مساعدات الديوان التي كان يقدمها للغرفة لمقابلة احتياجات النازحين. بقية المؤسسات تدخلها ضعيف، لذلك كان المجتمع المحلي هو المساهم الأكبر.
على المستوى الرسمي لدينا تعامل مع لجنة الإيواء الولائية، هذا سهل لنا التدخل المباشر في تقديم الخدمات للنازحين ولكن بحسب الترتيبات الأمنية قللت من قدرتنا على التدخل بشكل كامل، لكننا واصلنا تقديم خدماتنا برغم كل المعوقات. ففي اليوم الأول تم إيقاف عمل افتتاح العيادة لحين الانتهاء من الترتيبات اللازمة من حكومة الولاية.
في ذات الوقت وجدنا تعاوناً ودعماً مستمراً من وزارة الصحة الولائية، وقدمت لنا إدارة الصيدلة والسموم معينات عمل ساهمت في أن نقدم خدماتنا بصورة جيدة، وسهلت لنا الوزارة الكثير من الإجراءات.
في موجات النزوح الأولى كانت غرفة الطوارئ جزء من لجنة الإيواء، فكانت كل الإجراءات سهلة بالنسبة لها لمباشرة عملها والاستجابة السريعة. حالياً، ولعدم وجودنا داخل لجنة الإيواء ظهرت بعض التعقيدات، وأصبحنا لا نستطيع تقديم خدماتنا بشكل سريع خاصة الخدمات الدائمة مثل دعم العيادة لطول الإجراءات، بينما لا تواجهنا مشكلة في تقديم الوجبات لأنها مرتبطة بأزمنة محددة، ولا تتطلب وجودنا في المركز بشكل دائم.

لماذا لا تحصلون على تصريح دائم من الجهات المختصة؟
بطبيعة الحال، الغرفة هي الجسم المتواجد ميدانياً ويسبق وجوده كل المؤسسات والمنظمات، وطبيعة عمل الغرفة وتأسيسها للطوارئ، وتعمل بأي إمكانيات متوفرة. وكانت هناك رؤية أن هذا يضعف من العمل الرسمي، وهو ما يعيق حصولنا على تصريح دائم، لكن تجربتنا في العمل مع وزارة الصحة الولائية أثبت عكس ذلك. وعملنا في تقديم الخدمات الصحية هو بتصريح من وزارة الصحة وهي التي تشرف على عملنا. ولدينا تعامل مع المستشفيات والمعامل.

مدى التنسيق بينكم ومفوضية العمل الإنساني والمنظمات الدولية؟
بعد موجة النزوح الأخيرة من سنجة، بدأ التنسيق بيننا وبعض المنظمات الدولية، وخاصة منظمة رعاية الطفولة والأمومة "يونسيف" في الجانب الصحي. كنا سابقاً نتعامل مع منظمة اطباء بلا حدود، لكن عموماً التعاون بيننا ضعيف لتسيير العمل بالشكل المطلوب.

ما هي الجهات التي تدعمكم الآن بعد إنتهاء شراكتكم مع ديوان الزكاة؟
تعتمد الغرفة الآن على الجهود الشعبية، ووجد النداء الذي وجهناه للقطاعات المختلفة بكسلا استجابة كبيرة من المجتمع وكذلك من المبادرات الشبابية المختلفة في المحلية. الآن نحن نرفع حوجاتنا للمجتمع مباشرة ونجد استجابة بشكل سريع.

التحديات التي تواجهكم الآن؟
هناك صعوبة في توفير الأدوية، وهي مسألة عامة، وكذلك العدد الكبير للنازحين أدى للضغط على المؤسسات الصحية ونموذجاً لذلك مركز غسيل الكلى. ونحن ساعين لتوفير كل احتياجات العيادة.
عملنا في تقديم الخدمات الصحية مستمر باستجابة العديد من الأطباء والمعامل للحالات التي نحولها لهم. وعملنا الآن عيادات متجولة ووقرنا معظم الأجهزة، ولكن هناك حاجة مستمرة لمستهلكات المعامل. ونحن نستقبل بصورة يومية نحو 300 مريض في مركز واحد من مراكز الاستقبال.
نحن نحتاج لدعم مستمر وشراكات متعددة لنستطيع سد كل الاحتياجات الخاصة بالنازحين، فنحن نتعامل الآن مع ثلاثة مراكز وهي المدرسة الصناعية فيها حوالي 800 أسرة ووزراة الزراعة حوالي 300 أسرة ومدرسة عمر الحاج موسى فيها حوالي 200 أسرة. وهناك مراكز أخرى في الولاية، ولا زال التوافد إلى هذه المراكز مستمر لذلك لا توجد حتى الآن احصائية دقيقة لعدد النازحين في هذه المراكز.