النازحون داخل السودان.. المعاناة تأتي من أمطار السماء ورصاص الأرض
مواطنون
وجد النازحون السودانيون، الهاربون لأكثر من عام من جحيم الحرب، أنفسهم عالقين في معاناة داخل معاناتهم فراق منازلهم ومدنهم. وهو موسم الأمطار الثاني الذي يشهده النازحون داخل السودان، إذ انطلق عقال الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع عشية موسم الأمطار العام الماضي. ومع تمدد رقعة الحرب المستمرة لعام وبضعة أشهر ارتفع عدد النازحين إلى اكثر من 10 ملايين شخص بحسب إحصائيات أممية.
وكشفت أمطار هذا الموسم عجز الدولة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني في مقابلة الكارثة التي تواجه النازحين والمضيفين في نفس الوقت. واعترفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، اليوم، إن موسم الأمطار يزيد الأزمة الإنسانية سوءاً في السودان. وكشفت المنظمة الأممية عن حاجة ماسة إلى المزيد من المساعدات لمواجهة الأزمة تمكن الشركاء من مواجهتها، بحسب ما جاء في حسابها على منصة X.
وكشفت تقارير لغرف الطوارئ، التي تحاول جهدها للتخفيف من حدة الأزمة، عن تفاقم معاناة النازحين العالقين في شوارع مدينة كسلا، عاصمة الولاية، جراء هطول الأمطار الغزيرة. وسجلت كسلا حالتي وفاة وسط النازحين جراء السيول الغزيرة، إحداهما صعقة بالكهرباء والأخرى بلدغة ثعبان وفقاً لغرفة طوارئ المدينة، في حين أعلنت وزارة الصحة السودانية عن تسجيل 12 حالة وفاة بالولايات المتأثرة بالسيول والأمطار في شرق البلاد.
وقالت اليونسيف إن أكثر من 10 آلاف طفل وأسرة في مدينة كسلا تأثروا جراء موسم الأمطار، مشيرة إلى أن العديد منهم نزحوا في الآونة الأخيرة من ولاية سنار بسبب الاشتباكات الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وذكر تقرير لوكالة رويترز للانباء إن هطول الأمطار زاد من معاناة أكثر من مليون سوداني لجأوا إلى المنطقة هرباً من حرب عمرها 15 شهراً. وأن موسم الأمطار الذي بدأ في وقت سابق من هذا الشهر قد ألحق بالفعل أضرارًا بالملاجئ وجعل الطرق غير صالحة للاستعمال، ويعرض ملايين الأشخاص لخطر الأمراض المنقولة بالمياه في مناطق واسعة من البلاد.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه عدد النازحين داخل السودان، حيث يتجاوز العدد حاليًا 10 ملايين نازح، وذلك مع توسع قوات الدعم السريع شبه العسكرية في الأراضي التي تسيطر عليها في الحرب مع الجيش الوطني.
ووفقاً للأمم المتحدة هناك حوالي 765,000 شخص وفدوا إلى ولاية القضارف، وأكثر من 255,000 شخص في ولاية كسلا التي شهدت أسوأ أمطار خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتعتبر أحدث موجة من النزوح التي شملت 165,000 شخص من ولاية سنار، وكثيرون منهم وصلوا سيراً على الأقدام تحت المطر في الأسابيع الأخيرة. وأكثر من 10,000 شخص وصلوا إلى مدينة كسلا وتم تكديسهم في المباني الفارغة المتبقية، بما في ذلك فناء مدرسة وهنجر فارغ غمرت المياه بسرعة.
تقول إحدة النازحات "تحملنا الشمس التي كانت تضربنا، لكن لا نستطيع تحمل المطر". وقال نازح آخر "نحن ننتظر في الشارع وليس لدينا مكان نستقر فيه".
الآن ينتظرون تحت المظلات أو الأغطية في الشوارع، حيث من المتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة أكثر من المعتاد حتى سبتمبر. بعضهم رفض خطة لنقلهم خارج المدينة، حيث لن تكون هناك فرص لكسب العيش، وفقاً لمسؤول حكومي وعمال إغاثة.
الذين وصلوا في وقت سابق من الخرطوم أو ولاية الجزيرة، أو في مناطق أكثر جفافًا مثل القضارف، ليسوا أفضل حالاً، حيث ينامون على الأرض في المدارس مع قلة الخدمات والمراحيض المؤقتة التي غمرتها المياه أيضًا.
و قال محمد قزي الباش من منظمة بلان إنترناشونال لوكالة رويترز "نحن نقترب من 500 يوم من الحرب، والجميع منهك... إنها مأساة تلو الأخرى".
وفي محاولات الحكومة وعمال الإغاثة الاستعداد للزيادة المتوقعة في الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، مع قلة الأدوية لعلاجها، يقول د. علي آدم، رئيس وزارة الصحة الولائية "نحن نتقاسم ما هو متاح، ولكن ذلك يفوق طاقتنا".
يؤثر موسم الأمطار على معظم أنحاء البلاد. الأسبوع الماضي، دمرت الأمطار أكثر من 1,000 منزل و800 مرحاض في مخيم زمزم في شمال دارفور، أحد المواقع في البلاد التي يقول الخبراء إنها مرشحة لحدوث مجاعة.
قال متطوع في غرفة الطوارئ بالقضارف "الناس خائفون، ولكن لا توجد خيارات، إنهم ينتظرون مصيرهم، المدن الأخرى ممتلئة".