21/09/2024

الحرب في السودان تحرم الشباب من الأمل بالتعليم

بقلم مولد خوجلي، كوستي، السودان
موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ـ 14 أغسطس 2024

عندما أُعلن عن اسم إبراهيم عبد الرحمن في الإذاعة الوطنية باعتباره الطالب الأول على مستوى البلاد في امتحانات الثانوية العامة لعام 2020، احتفل الجميع بإنجازه في قريته الجبلية الصغيرة؛ الدمبيري بولاية شمال كردفان السودانية.

قال إبراهيم: "لم يصدق رفاقي الخبر.. هرعت لأبشر والدي ووالدتي بأنني حققت أعلى نتيجةٍ على مستوى السودان".

وصف إبراهيم أيضاً أجواء البهجة التي عمت القرية عندما زار القادة المحليون – بما في ذلك مسؤولون حكوميون – مدرسته في اليوم التالي لكي يهنئوه على إنجازه.

وقال: "لقد كانت لحظاتٍ مفعمة بالسعادة بالنسبة إلي".

أحلام معلقة
وعندما سمع إبراهيم الخبر، أدرك ما يريد أن يفعله بعد ذلك بالتحديد. ففي العام التالي، التحق بجامعة الخرطوم لدراسة الزراعة، والسعي لتحقيق حلمه بأن يصبح وزيراً للزراعة في البلاد يوماً ما.

ولكن حلم إبراهيم اصطدم بواقعٍ مفاجئٍ بعد عامين فقط، عندما اندلعت معارك عنيفة في العاصمة الخرطوم.

وأضاف إبراهيم: "كنا نأمل بتحسن الأوضاع، كي نتمكن من مواصلة عملنا وتعليمنا، إلا أنّ القتال ازداد حدةً يوماً تلو الآخر. وبعد شهر فقط، اتخذت القرار بالعودة إلى دياري في شمال كردفان.. حيث توجد عائلتي".

تسببت الحرب في السودان – وهي في عامها الثاني الآن – بتعطيل التعليم لملايين الشباب. فبحسب ما أوردته الأمم المتحدة، لا يتمكن أكثر من 90% من أطفال السودان في سن الدراسة – الذين يصل عددهم إلى 19 مليون طفل – من الوصول إلى التعليم الرسمي.

وقالت كريستين هامبروك، ممثلة مفوضية اللاجئين في السودان: "بحرمانهم من التعليم، يسرق الصراع المستقبل من أيدي الأطفال والشباب.. إن تعليم قادة المستقبل في البلاد – مثل إبراهيم – عرضة للخطر، وأحلامهم تتحطم نتيجة العنف والنزوح".

أكبر أزمة نزوح
منذ 15 أبريل 2023 – عند اندلاع الحرب – اضطر أكثر من 10 ملايين شخص للفرار من ديارهم في السودان، ويشمل هذا الرقم أكثر من مليوني شخصٍ عبروا الحدود إلى الدول المجاورة سعياً للأمان. وبذلك، أصبحت أزمة السودان أكبر أزمات النزوح في العالم.

في قرية إبراهيم الواقعة في ولاية شمال كردفان، كانت الجماعات المسلحة تنهب المحاصيل وتجبر السكان على الفرار من مزارعهم، فانضم مع أسرته إلى مئات العائلات من القرى المجاورة، وفروا للنجاة بأرواحهم.

بعد 15 يوماً من الترحال – والاختباء في الأدغال في بعض الأحيان – وصلوا إلى مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض.

وقال إبراهيم: "شعرت بالارتياح لوصولنا إلى بر الأمان.. نحن ممتنون جداً لأولئك الذين قدموا لعائلتنا وللآخرين الغذاء والمأوى عند وصولنا إلى هنا".

في ولاية النيل الأبيض وحدها، يعيش 1.3 مليون سوداني في مخيمات النزوح أو في ضيافة المجتمعات المحلية.

ويشكل هذا التدفق غير المسبوق ضغطاً على الموارد المجتمعية والخدمات العامة المحدودة أصلاً، مثل الرعاية الصحية والموارد المائية.

اقرأ أيضاً: الملايين يعانون في المخيمات مع استمرار الحرب في السودان
تعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة وغيرها من الوكالات الإنسانية على توفير المساعدات المنقذة للحياة للنازحين مثل إبراهيم وأسرته، مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمستلزمات المنزلية والمساعدات النقدية. ولكن الاحتياجات تتضاعف كل يوم.

وأضافت هامبروك: "لا تملك المفوضية والمنظمات الإنسانية الأخرى في السودان الموارد الكافية للوصول حتى إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً. ونحن بحاجة ماسة إلى مزيدٍ من الدعم لتوسيع نطاق استجابتنا".

مستقبل ضائع
تحولت المدارس في مختلف أنحاء البلاد من أماكن للتعلم إلى مآوٍ للنازحين. وتعيش أسرة إبراهيم الآن في مدرسة ابتدائية حيث يمكث ما يصل إلى 80 شخصًا في فصل دراسي واحد دون أي خصوصية أو مساحة كافية للنوم. وتغطي أحد الجدران آثار الدخان الأسود من النار المفتوحة التي تستخدمها الأسر لطهي وجباتها معاً.

كل يوم يستيقظ فيه إبراهيم داخل هذا الفصل الدراسي، أصبح تذكيراً صارخاً بالتعليم الذي يفتقده، لكنه لم يتخلى عن أحلامه بالكامل.

وقال إبراهيم: "إنني آمل بتحسن الوضع في السودان وبتوقف الحرب يوماً ما.. عندها سنعود إلى حياتنا المعتادة وإلى جامعاتنا".

واختتم الشاب حديثه قائلاً: "ما زال الأمل لدي بأن أصبح وزيراً للزراعة أو خبيراً اقتصادياً".

معرض الصور