26/10/2024

شرق النيل تضع يدها على قلبها بعد انتهاكات قرى شرق الجزيرة

مواطنون
يضع المدنيون في قرى منطقة شرق النيل بالعاصمة الخرطوم أياديهم على قلوبهم بعد اجتياح قوات الدعم السريع لقرى شرق الجزيرة، عقب إنسلاخ أحد قادتها وانضمامه للجيش السوداني. ويتوقع سكان القرى المتاخمة لولاية الجزيرة أن تمتد الانتهاكات التي طالت المدنيين هناك إلى مناطقهم.

قالت "العازة" لـ"مواطنون" أثناء حديثها بواسطة تطبيق الواتساب عبر جهاز استارلينك الوحيد المتبقي في القرية "هناك هدوء حذر في قريتنا والقرى التي حولنا. كل أهالي قريتي الآن في وضع التأهب لمغادرتها متى ما تطورت الأحداث وتمددت المعارك إلى منطقتنا".

ويقول شهود عيان لـ"مواطنون" إن قوات الدعم السريع قامت في الفترة الأخيرة بتغيير قواتها في قرى شرق النيل القريبة من طريق الخرطوم مدني الشرقي، بقوات أخرى غير تلك المألوفة للمواطنين هناك.

وشهدت قرى شرق ولاية الجزيرة تصعيداً عملياتياً بعد انسلاخ قائد قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه للجيش. وقالت منظمات مدنية ولجان مقاومة إن المنطقة شعدت انتهاكات واسعة أودت بحياة العشرات من المدنيين عقب معارك دارت بين الجيش السوداني وداعميه من المستنفرين وبين قوات الدعم السريع الذي استعاد السيطرة على مدينة تمبول في منطقة البطانة.

ويقول "محمد"، مواطن من قرى شرق النيل، لـ"مواطنون" إن قوات الدعم السريع بدأت في سحب أجهزة "الاستارلنك" المنتشرة في تلك القرى والتقليل من انتشارها، مما ضيق على المواطنين التواصل مع أهاليهم في المناطق الأخرى من السودان وفي الخارج. وأضاف "محمد" بأن المواطنين يعانون في تلك المناطق والقرى من انعدام السلع الغذائية وارتفاع أسعارها إلى جانب انعدام الخدمات الصحية والأدوية.

اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان قالت في بيان لها أمس، إن المرافق الصحية في قرى شرق ولاية الجزيرة تعرضت لهجمات شنيعة، من بينها مقتل أحد الكوادر الطبية في مركز غسيل الكلى بمدينة رفاعة، واختطاف ثلاث ممرضات لم يُعرف مصيرهن حتى الآن بسبب انقطاع شبكات الاتصال. بالإضافة إلى ذلك، تم محاصرة عدد من الكوادر الصحية داخل مستشفى تمبول بعد تعرض المستشفى لهجوم بالمسيرات.

واضاف بيان اللجنة "شملت هذه الانتهاكات معظم مدن وقرى شرق الجزيرة، حيث اقتحمت المليشيات المنازل واعتدت على المدنيين، مما أدى إلى نزوح واسع للسكان. وقامت القوات بإطلاق النار عشوائياً وتعذيب الأطفال لإجبار ذويهم على الكشف عن ممتلكاتهم. كما تم تنفيذ عمليات اختطاف لطلب الفدية، إلى جانب نهب الأسواق والمنازل، ما دفع الأهالي إلى النزوح سيراً على الأقدام بحثاً عن الأمان.

كما طالت الانتهاكات قرى غرب وشمال الجزيرة، التي تعاني من حصار متواصل أدى إلى مقتل وإصابة العديد من السكان، مع استمرار منع وصول المساعدات الطبية، حيث يواجه السكان خطر الموت جوعاً بعد نهب جميع الموارد، فيما يُضطر النازحون للسير على الأقدام بسبب انعدام وسائل النقل".

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية أمس، نقلاً عن لجان المقاومة، إن قريتا السريحة وأزرق تتعرضان للهجوم من قبل قوات الدعم السريع منذ الصباح مشيرة إلى سقوط 50 قتيلا وأكثر من 200 جريح في السريحة، مع عدم إمكانية إخراج الاصابات من القرية بسبب القصف والقنص".

ومع اقتراب جلسة مجلس الأمن الدولى الخاصة بمناقشة الوضع في السودان، طالبت منظمات دولية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي البدء في التخطيط لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان. ومن المقرر أن يناقش المجلس تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول الخطوات التي ينبغي أن تتخذها الدول الأعضاء لحماية المدنيين في السودان.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" حذرت من أن الانتظار لإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار، لم يعد خياراً في ظل التدهور الكبير الذي آلت إليه الأوضاع. وحذرت هيومان رايتس ووتش من خطورة التصعيد الأخير للقتال على المدنيين. وقالت "يستمر تعرض المدنيين للتعذيب والإعدام بإجراءات موجزة، كما تواجه النساء والفتيات العنف الجنسي على نطاق واسع".

ويتوقع مراقبون أن تطورات الأحداث في السودان واستمرار الانتهاكات التي تطال المدنيين قد تدفع المجتمع الدولي لموقف اكثر قوة. وكانت لجنة تقصي الحقائق بشأن السودان التي شكلها مجلس حقوق الإنسان، قد أوصت في سبتمبر بنشر بعثة لحماية المدنيين.

وكالات الأمم المتحدة
على صعيد العمل الإنساني أصدرت وكالات الأمم المتحدة العاملة في السودان بياناً مشتركاً، كشفت فيه تدهور الوضع الإنساني، وقالت إن إمطانية الوصول غلى الخدمات الأساسية باتت محدودة للغاية بينما تتعرض البنية الأساسية الحيوية للانهيار. وطالبت بتكثيف الجهود الدولية لمواكبة الحاجن الهائل للاحتياجات.

وطالبت الوكالات الأممية بحماية المدنيين في المقام الأول. ودعت جميع أطراف الصراع بشكل عاجل إلى احترام القانون الإنساني الدولي وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، والذين لا يزالون يواجهون معاناة لا يمكن تصورها. وقالت إن المدنيون - وخاصة النساء والأطفال – يتكبدون انتهاكات جسيمة لحقوقهم، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاستغلال، والهجمات التي تمس سلامتهم وكرامتهم.

كما طالبت بإنهاء هذه الأعمال المشينة على الفور، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب. وقالت "لا يمكن للمساعدات الإنسانية وحدها حل هذه الأزمة؛ ويجب علينا أيضاً أن نضمن حماية الفئات الأكثر ضعفاً من المزيد من الأذى. إن شعب السودان يحتاج إلى عملنا الجماعي الآن، ويجب أن نستجيب بالسرعة والحجم اللذين تتطلبهما هذه الأزمة".

معرض الصور