15/12/2024

كيف يعاد الاستقرار في السودان؟

يوسف عبد الله

بعد مضي ما يقارب عشرين شهرا على اندلاع الحرب في الخرطوم، بين قادة الجيش وقوات الدعم السريع، ازدادت الأوضاع السياسية تعقيدا وتأزما وتدهور الوضع الاقتصادي في عموم البلاد. ومع ذلك، لم يحصل أي من الطرفين على هدف سياسي قابل للتحقق. وهذه معضلة مقيمة تواجه الفاعلين في هذه الحرب.

في الأصل، اندلعت الحرب لدوافع سلطوية بين قادة القوتين، لكن هذا الدافع بات مكلفا في ظل واقع إقليمي يتغير بسرعة ويترافق معه تورط دول وجهات متعددة ذات تأثير عال على الطرفين في الحرب.

في وقت مبكر من الحرب، بدأت جهود الوساطة بين الطرفين في مدنية جدة السعودية. كان ذلك في مايو من العام الماضي، وكان غرضها وضع حد للاقتتال، لكن الوساطة فشلت، باستثناء بعض الهدن الهشة في الشهور الأولى، مع تواصل المواجهات العسكرية في دارفور وكردفان. ثم تكررت الوساطة برعاية أمريكية جرت في جنيف في أغسطس الماضي، لكن رفض عبد الفتاح البرهان المشاركة فيها؛ ففشلت.

وإزاء ذلك، فإن خطر تمدد تأثير القتال إلى خارج السودان كان وما يزال ماثلا، ومهددا الاستقرار الإقليمي برمته.

وما يعزز تمدد تأثير النزاع هو التداول بخصوص مخاطر متوقعة على أهم ممرين مائيين حيويين بالنسبة للإقليم، وهما نهر النيل، والبحر الأحمر في شرق البلاد.

الآن دخلت تركيا لتعرض وساطة ما بين قائد الجيش والحكومة الإماراتية، الغرض منها إنهاء الصراع في السودان. في الواقع، رحب قائد الجيش بهذه الوساطة، لكن لم تعلق عليها الإمارات.  مع ذلك تبدو تركيا بمثابة الوسيط الأكثر تأهيلا لوضع حد للأزمة السودانية لاعتبارات المكانة المركزية لتركيا في الوقت الحالي.

ويترافق مع هذا الفعل السياسي الإقليمي رغبة السودانيين في إنهاء الحرب ورفض ما يتمخض عنها من انتصار لطرف من الأطراف، وهذا هو الأهم، لذلك يبدو من الأهمية تعزيز دور القوى السياسية، خصوصا الأحزاب السياسية والنقابات ولجان المقاومة.. فمعها سيعود التحول الديمقراطي وتبدأ الحلول والاستقرار.

وفي هذا الخضم الماثل سيكون التحدي الرئيسي ليس هو وقف إطلاق النار بين الطرفين عن طريق وساطة، ولا في صياغة بنود الاتفاق المرضية، بل في الالتزام الفعلي بتنفيذ البنود والمضي في خلق الإرادة السياسية الداعمة للاستقرار.

معرض الصور